غريبٌ فعلاً المنطق الذي يُعالج به أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله شؤون لبنان المصيرية، فهو يختار ما هو مُناسب وموافق ومتطابق ربما مع مصلحة حزبه، المرتبط كُلّياً بمصالح المحور الإقليمي الإيراني، وما عدا ذلك فهو في نطاق المُهملات والإستبعاد، فعندما كان حزب الله مُتفرّغاً ومشغولاً بدعم نظام الرئيس بشار الأسد، وأُثيرت مخاطر وإشكالات انخراط حزب لبناني مُسلّح وفاعل في أحداث الحرب الأهلية السورية، طلب السيد حسن نصر الله وقف التجاذبات السياسية والمماحكات والصراعات حول الأزمة السورية في الساحات اللبنانية، وقالها بالفم الملآن: إذا أردتم الإشتباك، وحتى الإقتتال معنا، فلنذهب جميعاً إلى سوريا، وهناك نتصارع ولينتصرّ الأقوى، وهنيئاً له بعد ذلك، أمّا عندما دقّت ساعة استحقاق الانتخابات الرئاسية عام ٢٠١٤، أي في عزّ احتدام الأزمة السورية، رشّح السيد نصرالله وحزبه الجنرال عون إلى سدة الرئاسة الأولى، وأعلن أنّ عون هو الرئيس المقبل أو لا أحد، حتى "تتعبوا ونحن لا نتعب"، وكان له ما أراد بفضل لعبة عضّ الأصابع التي آتت أُكُلَها بعد التسويات والمساومات مع القوات اللبنانية من جهة، وتيار المستقبل من جهةٍ أخرى، أي أنّ السيد نصرالله قدّم الصراع الداخلي على الصراع الإقليمي، وعند استحقاق تأليف حكومة جديدة بعد الإنتخابات البرلمانية عام ٢٠١٨، وضياع ستة أشهر في المماحكات والمناكفات حول شكل الحكومة العتيدة، وتركيبتها وحقائبها، ولون وزرائها وانتمائاتهم، وضع حزب الله ورقة توزير أحد أعضاء اللقاء التشاوري، ورفض الرئيس سعد الحريري توزير أحدهم، قال السيد بلسانه وجاهياً: لن ترى الحكومة الجديدة النور قبل توزير أحد أعضاء اللقاء التشاوري من اليوم إلى ما شاء الله تعالى، حتى كان له ما أراد، بعد ضياع شهرين إضافيّين، واليوم، سماحة السيد حسن نصرالله أمين عام حزب راضٍ عن حكومة الرئيس دياب، لذا فهو يدعو بكل رويّةٍ وتسامحٍ وأريحية، للتّرفُّع عن الضغائن والمكائد السياسية، ومساندة هذه الحكومة كما هي ودعمها، والمسارعة إلى شكر رئيسها وأعضائها (قبل الإنجازات والنّجاحات) لقبولهم المسؤوليات الجسام في هذه الظروف الصعبة، والواجب يقضي بإعطائهم الفُرص المديدة، لا القصيرة، لمحاولة منع الإفلاس والإنهيار والضّياع.

 


من أفلس البلد يا سيد؟ من وضع البلد "على شفا حفرةٍ من النّار" ( سورة آل عمران ١٠٣) يا سيد، أليس الرئيس القوي وشركاؤه الأقوياء الفاسدون يا سيد؟ بلى يا سيد، وستُسئلُ عن ذلك يوم " لا يُسئلُ عمّا يفعلُ وهم يُسألون" (سورة الأنبياء ٢٣).