مئات الآلاف من المدنيين يفرون من تجدد هجوم النظام السوري على إدلب في ظروف يائسة. فهل يبدي أحد اهتماما، هكذا استهلت غارديان افتتاحيتها اليوم قائلة إن أهل إدلب لم يبق أمامهم مكان يفرون إليه.
 
وعلقت الصحيفة البريطانية بأنه بعد كل هذا التعذيب للمدنيين ومذابحهم وبعد الهجمات المستهدفة للمنقذين والأطباء والمدارس وبعد قنابل البراميل المتفجرة والأسلحة الكيميائية، لابد أنه يصعب الاعتقاد بأنه قد تكون هناك موجة جديدة من البؤس لسوريا التي أطلقها بشار الأسد ومؤيدوه الروس والإيرانيون. وهذا ما يحدث الآن.
 
إذ يعد الهجوم على إدلب، آخر جيب يسيطر عليه الثوار، أكبر كارثة إنسانية لحرب دخلت الآن عامها التاسع. فقد حذرت الأمم المتحدة من نزوح 832 ألف شخص معظمهم أطفال في أقل من ثلاثة أشهر، وقد فر مئة ألف الأسبوع الماضي، كما فر الكثيرون بالفعل من اعتداءات النظام القاتلة من قبل، وفي بعض الحالات ثلاث أو أربع مرات، وتضخم عدد سكان المحافظة من مليون لثلاثة ملايين منذ اندلاع الحرب.
 
وأشارت الصحيفة إلى أنهم يواجهون الآن درجات حرارة دون الصفر والكثير منهم لا يملكون حتى الخيام التي يتقون بها، وتقارير الأطباء تشير إلى أن الأطفال يموتون بسبب هذه الظروف القاسية، ومن المرجح أن تسوء الأحوال أكثر.
 
ونبهت إلى أن الصراع الذي أذهل رعبه العالم حينا بدأ يغيب الآن عن انتباهه، وأشارت في ذلك إلى فيلم وثائقي حائز على جوائز علقت فيه المخرجة السورية وعد الكاتب على رسائلها من حلب المحاصرة قائلة "شاهد الملايين تقاريري، لكن أحدا لم يحرك ساكنا" وتساءلت هل ينظرون حتى هذه الأيام؟
 
وأشارت إلى أن ملايين الناس بحاجة ماسة للإمدادات والمأوى في هذه القطعة من الأرض التي اعتبرها ديفد ميليباند رئيس لجنة الإنقاذ الدولية "غزة سورية" واصفا الكارثة بأنها أحد أعراض الفشل التام للدبلوماسية وتخلي المجتمع الدولي عن المدنيين.
 
وأردفت بأنه على الرغم من الارتفاع المفاجئ في أعداد الفارين فإنها الكارثة كانت متوقعة منذ وقت طويل، وهي النتيجة النهائية للقرارات التي اتخذت على مدى سنوات.
 
وختمت الصحيفة بأن وقفا فوريا للنار، وتدفق المساعدات دون عوائق، يمكن أن يمنح هؤلاء المدنيين اليائسين بريق أمل في فترة راحة، ويجب على القوى الغربية أن تبذل ما بوسعها للضغط من أجلهم، وهذا أقل بكثير مما ندينه لأولئك المحتشدين الآن في إدلب، وحتى هذا الأمر، على ما يبدو، قد يكون أكثر مما يمكن توقعه.