يمرّ اللاجئون السوريون في مخيمات مدينة عرسال، أقصى الشمال الشرقي من محافظة البقاع اللبنانية، بظروف متدهورة شديدة القسوة، حيث يعيشون في خيام لا تقاوم المطر ولا الثلج، ما يهدد حياتهم، خاصة الأطفال والمرضى وكبار السن.
 
تتصدر مأساة اللاجئين السوريين، منذ سنوات، عناوين وسائل الإعلام اللبنانية والدولية، لكن من دون حلول لهذه الأزمة الإنسانية المتواصلة.
 
وزادت موجة الصقيع التي تضرب لبنان، من معاناة اللاجئ السوري، في ظل غياب شبه تام لمواد التدفئة، حيث تحاصر الثلوج المخيمات، ما يمنع اللاجئين من التحرك بسهولة.
 
وشهدت المنطقة، خلال الأيام الماضية، تساقطًا لثلوج غمرت أجزاءً واسعة من مخيمات اللجوء، التي تفتقر أساسًا لمقومات الحياة الضرورية.
 
 
** مناشدات إلى تركيا
 
هذا الوضع كشف عن قصص مأساوية، إذ يعاني اللاجئون من البرد الشديد، مع غياب خطط حكومية جدية منذ سنوات لمعاجلة تلك المأساة، خاصة وأن لبنان يعاني أسوأ أزمة اقتصادية منذ الحرب الأهلية بين 1975 و1990.
 
خلال جولة في مخيمات عرسال، رصدت عدسة الأناضول أطفالاً يحملون ما توفر أمامهم ليشعلونه للتدفئة من مواد بلاستيكة، وأكياس، وحتى الملابس والأحذية التالفة تُحرق هنا.
 
ناشد أبو جاسم (60 عامًا)، أحد سكان المخيمات، عبر الأناضول، الدولة التركيّة أن تدعم اللاجئين السوريين في عرسال لكي يبقوا على قيد الحياة.
 
وتمنى أبو جاسم على تركيا وبقية الدول الإسلامية إنقاذهم من الأوضاع التي يمرّون بها، حيث يفتقدون أدنى مقومات العيش.
 
سكّان هذه المخيمات هم لاجئون من مناطق مختلفة في سوريا، لكنّ أغلبيتهم من مدينة القصير في ريف حمص الغربي، ومحافظة دير الزور شرقي سوريا، التي تشهد حربًا منذ عام 2011.
 
شريفة (50 عامًا)، وهي نازحة من القصير، قالت للأناضول: "لا أملك مدفأة، ولا حتى ملابس شتوية في هذا البرد والصقيع".
 
وتابعت: "نناشد الدولة التركية أن تنظر إلى أحوالنا وتساعدنا، فليس بيدينا أية حيلة، الطرقات هنا مقفلة بالثلوج، ولا أحد قادر على إنقاذنا".
 
وتضرب لبنان موجة برد قارس حتى الثلاثاء، ومن المتوقع أن تنخفض درجة الحرارة إلى ما دون معدلاتها بحوالي ١٠ درجات، وتكون أجواءً جليدية في بقاع وجبل لبنان.
 
 
 
حالة مأساوية
 
المدير التنفيذي في جمعية الوعي والمواساة الخيرية (غير حكومية)، محمد يحيى، قال إن "مواد التدفئة، كما التغذية، شبه غائبة عن مخيمات عرسال، والحالة مأساوية للغاية".
 
وأضاف يحيي للأناضول: "هناك تقريبا 120 مخيمًا في المدينة، وتضمّ أكثر من 60 ألف لاجئ سوري".
 
وشدّد على أن حجم الكارثة في المخيمات أكبر بكثير من قدرة الجمعيات على المساعدة، في ظل أزمة اقتصادية خانقة يمرّ بها لبنان وغلاء مستفحل.
 
وأردف: "حصلنا على مساعدات من جمعيات تركية لإغاثة النازحين في عرسال في وقت سابق، كما أن هناك بعض البرامج التي تحضر للمساعدة من جانب المؤسسات التركية الخيرية".
 
وختم بأن الجمعيات التركية، وبالتعاون مع جمعية الوعي والمواساة الخيرية، أطلقت من خلال برامجها المشتركة حملات طبية وحملات إعادة ترميم وتجهيز للخيام.