إنّ ما يمكن استخلاصه من هذه اللوحة المأساوية العبثية هو أنّ البلد يتقدّم بخُطىً واسعة نحو انهيارٍ كاملٍ للنظام والقانون، وما يستتبع ذلك من اضطرابات أمنية واجتماعية وخرابٍ عام.
 

لوحة الوضع المأساوي في قلب بيروت يوم أمس، ستبقى ماثلةً في أذهان اللبنانيين لفترة طويلة، نوابٌ يتسلّلون إلى مبنى المجلس النيابي، خائفين مذعورين من الشعب اللبناني الذي انتخبهم ليُمثّلوه، فخانوا أمانته واستباحوا كرامته، وأنسوه رفاهة عيشه، وهدّدوا مستقبل أبنائه. حشودٌ عسكرية بالآلاف لتأمين سلامة النواب وسلامة الوزراء، الذين جاءوا يلهثون وراء ثقة مفقودة، مجموعات من الثائرين المنتشرين في الساحات والشوارع المحيطة بمبنى المجلس النيابي، صابين جام غضبهم على النواب الساعين وراء إعطاء حكومة الرئيس دياب ثقة هزلية، تراشق بالحجارة وخراطيم المياه والقنابل المسيلة للدموع بين الثوار والجيش، والأنكى من كل ذلك أنّ اللوحة المأساوية اكتملت بمداخلات النواب الذين توالوا على الكلام، وهم يؤكدون أنّ الإنهيار المالي والاقتصادي والاجتماعي والسياسي قد حصل، وفات أوان الإصلاح والتغيير والإنقاذ، وأنّ هذه الحكومة أعجز من أن تتمكّن من إنقاذ ما يمكن إنقاذه، لينتهي الأمر بنيل الحكومة ثقةً هزيلة، واسترداد رئيس مجلس النواب نبيه بري بعض شرعيته التي خسرها في الشارع طوال أيام الانتفاضة الشعبية، كما حاول رئيس التيار الوطني الحر استعادة بعض عنجيته وصلفه عبر إسداء النصح والإرشاد لرئيس مجلس الوزراء الجديد، عوضاً عن أن يُساق إلى السجن  مع غيره من المسؤولين الذين عاثوا فساداً ونهباً للمال العام.

 

 

إلاّ أنّ ما يمكن استخلاصه من هذه اللوحة المأساوية العبثية هو أنّ البلد يتقدّم بخُطىً واسعة نحو انهيارٍ كاملٍ للنظام والقانون، وما يستتبع ذلك من اضطرابات أمنية واجتماعية وخرابٍ عام، وأنّه بات على من تبقّى من حُكّامٍ "عاقلين" أن يتوجهوا نحو صندوق النقد الدولي لإغاثتهم، وانتشال البلد من الحفرة العميقة التي أردتهُ بها هذه الطبقة السياسية الفاسدة، التي يجب أن لا تفلُت من العقاب، لينال كلُّ ذي حقٍ حقَّه، وكلّ مرتكبٍ ما يستحقهُ من الجزاء.