نشرت الإعلامية ديما صادق، على صفحتها الخاصة على يوتيوب، عملها الإعلامي الجديد بعنوان "غضب الخندق".
 
 
الخندق الغميق، الذي لطالما أقلق ثوار 17 تشرين الأول، قرّر فتح بعض أبوابه. من باب أو شباك أو الشارع الرئيسي، نزلت صادق إلى الخندق بصحبة فريق تقني. زارته علناً، في وضح النهار، هذا ما توضحه لقطات عدة من الوثائقي. والواضح أيضاً أنّ لا خوف مسبق منعها ولا "بعبع" أكلها، ولو أنّ "صوفتها حمراء" بين جمهور الثنائي الشيعي.
 
الخارجة عن السرب
اقتنص أحد أنصار الثنائي هاتفها الخلوي قبل أسابيع من مكان الاعتصام، وسيرتها على كل حساب ممانع على تويتر. وتكاد تكون مكروهة جماهير المقاومة لاعتبارات عديدة أهمها أنها ممن كسروا صفاء اللون الطائفي وخرجت عن السرب. ومع ذلك، دخلت الخندق وقابلت علي خريس (أبو الظلام)، مسؤول إحدى التنظيمات السياسية في الخندق، ومعه اثنين أو أكثر من شبان الخندق.
 
سألت أسئلة بديهية وأخرى محرّمة، وخرجت بخلاصات عدة حول الفقر والبطالة والظلم والسياسة والتحزّب والإهمال. أجواء أنسنت هذه الكائنات البشرية التي غزت ساحات الاعتصام، مثنى وثلاث ورباع. فهذه "الوحوش الكاسرة" التي عمّمت أجواء البطش في بيروت، كما نعلم جميعاً، أولاد "غيتو" غذّته الأحزاب والطوائف بكل ما فيها من يأس وإحباط وكبت وعنف وبطالة. سُلطة حرمت من وسط بلد يبعد عنه أمتار، وسُلطة أخرى أدارت الظلم اللاحق به ووظّفته في معاركها وحروبها القريبة والبعيدة.
 
القرار الحزبي
أهم ما يكشفه "غضب الخندق" أنّ أنصار حزب الله شاركوا في الثورة في الأيام الأولى، بقرار حزبي. هذا ما أكده "أبو الظلام". هم من أشعلوا لهيب المواجهة الأولى، وواجهوا مع اللبنانيين المحتشدين في الساحات تسلّط قوى الأمن وعنفها. لكن قراراً حزبياً آخر صدر، فانسحبوا. رجعوا إلى حزام بؤسهم. ومنه عادوا وشاركوا في الثورة المضادة، في الغزوات المتلاحقة للساحتين، والرينغ، دفاعاً عن "رسل الله على الأرض"، أي أمين عام حزب الله ورئيس مجلس النواب، كما قال أحد الشبان. خط أحمر قطعته ثورة 17 تشرين، فكان قرار حزبي بالمواجهة. تحرّكت بيادق الغيتو، وقامت ونفّذت الأوامر بالغضب المطلوب المعبّأ من البطالة والعوز أصلاً.
 
أموال الثنائي
غير البطالة، التي تشكو منها كل المجتمعات اللبنانية، بدا واضحاً في سياق الشريط غياب اهتمام الثنائي عن الخندق. وإن كان هذا الأمر معلوماً، فجاء أبو الظلام ليؤكده. وأن يأتي الكلام على لسان مسؤول حزبي من المنطقة، فلا لبس فيه. وعلى الرغم من فيديوهات الدولارات بأيدي عناصر من حزب الله، وحديث أمين عام الحزب عن الرواتب والمخصصات، وكل ما أشيع أيضاً عن رفع رواتب الموظفين في بعض المؤسسات التابعة للحزب، كان الخندق بعيداً عن كل ذلك. فكل ما يصل إليه لا يتعدى صناديق إعاشة مخصصة للأسر المحرومة. وعدا ذلك، خطابات التعبئة وإحماء الدم ودق النفير فقط. هذا تعريف مبسّط لحطب الحرب والميليشيات.
 
الأسئلة المؤجلة
"الرئيس بري ملياردير، ألا تسأل نفسك لماذا عليك أن تصرخ وتغضب للدفاع عن رجل متّهم بأنه فاسد وسارق"؟ سؤال بديهي، لكن مؤجل، ولا جواب عليه إلا "سؤال غير" وابتسامة ديما. وتكراره يتطلّب من ابن الخندق الغميق التعديل بجلوسه، اكتساب المزيد من الوقت لطلب إلغاء السؤال. يعني أنّ الجواب موجود، لكن لا يمكن قوله، لا على الكاميرا ولا في وجه ديما تحديداً. هم يدركون ذلك، لكن شيئاً ما يحول دون التعبير عنه. والجميع يعرف ما الحائل دونه: البعبع الذي لا بد أن ينكسر، الذي كسرت الثورة جزءاً منه وكسرت ديما جزءاً آخر منه، ويكسر الثوار يومياً أجزاء منه.
 
دخلت ديما صادق الخندق الغميق بحثاً عن أجوبة. حصّلت بعضها وخرجت معها تساؤلات أخرى. ألغاز، كما قالت. لماذا همش الخندق الغميق؟ ولماذا لم يثر أهل هذا الخندق بعد؟ هل لا تزال هذه الأسئلة المطروحة؟ الطائفية-الحرب والدين-الخوف.