المفارقة أنّ وزير الخارجية الحالي الدكتور ناصيف حتي كان حاضراً في ورشة وزارة الدفاع حول أزمة النزوح السوري، وكانت له مساهمة في فعالياتها، إلاّ أنّه وعلى ما يبدو لم يستفد شيئاً من دراسات الخبراء الإقتصاديين.
 

لم يسترعِ انتباه رئيس الجمهورية الجنرال عون أثناء مناقشة البيان الوزاري للحكومة الجديدة سوى خُلُوه من بندٍ يتعلق بضرورة إعادة النازحين السوريين إلى بلادهم، أمّا الأزمة المالية الخانقة فهي لم تقُضّ مضجع فخامته كما فعلت "أزمة" النازحين السوريين، أمّا وزير خارجية حكومة الرئيس دياب السيد ناصيف حتّي، فلم يجد أفضل من البدء بالنّفخ في مزامير العنصرية(جرياً على سُنّة سلفه الوزير جبران باسيل)، مُدّعياً أنّ النازحين السوريين هم الذين تسبّبوا بهدر أكثر من ثلاثين مليار دولار أمريكي منذ اندلاع الثورة السورية قبل حوالي تسع سنوات، ويبدو أنّ تشابهاً بالأرقام مع هدر وزارة الطاقة الذي فاق الثلاثين ملياراً من الدولارات قد حصل واختلط في معلومات وزير الخارجية، ففي ورشة عمل أقامها مركز البحوث والدراسات الإستراتيجية التابع للجيش اللبناني بتاريخ السابع عشر من تشرين الأول عام ٢٠١٧ أوضح السيد فيليب لازاريني المنسق المقيم لأنظمة الأمم المتحدة، ومُنسّق الشؤون الإنسانية في لبنان، أنّ المجتمع الدولي التزم بتوفير أكثر من ١،٥ مليار دولار أمريكي بين عامي ٢٠١٦-٢٠١٧، كما أشار إلى أنّ لبنان هو أكثر مُتلقٍّ للمساعدات الإنسانية بعد سوريا، وبالعودة إلى مداخلة الخبير الاقتصادي الدكتور غازي وزنة( وزير المالية الحالي) في ورشة العمل المشار إليها أعلاه، فقد بيّن وزنة أسباباً عدّة لأزمات لبنان المالية والاقتصادية، من بينها انقلاب فائض قيمة ميزان المدفوعات عام ٢٠١٠ بقيمة ٣،٣ مليار دولار إلى عجزٍ بلغ عام ٢٠١٥ أكثر من ٣،٢ مليار دولار أمريكي، وتراجع القطاع السياحي بفعل المقاطعة الخليجية للبنان، وانسداد الفرص الاستثمارية، وتضخم القطاع العام.

اقرا ايضا : الرئيس عون..مُحاربة طواحين الهواء طيلة ثلاثين عاماً

 

 

 ومع إشارة وزنة لبعض الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي خلّفتها أزمة النزوح السوري في لبنان، إلاّ أنّه عدّد بعض الإيجابيات التي رافقته: 
١: أسهم استهلاك واستثمار حوالي مليون ونصف مليون نازح سوري بزيادة في النّمو الاقتصادي عام ٢٠١٤ بنمو بلغ حوالي ١،٣ بالمائة.
٢: تحول لبنان إلى دور الوسيط بين السوق السوري والأسواق العالمية.
٣: تحريك نشاط القطاع العقاري عبر شراء السوريين حوالي ١٣٠٠ وحدة سكنية، واستئجار الشقق مُوفّرين مداخيل وبدلات إيجار مرتفعة لأصحاب المُلك.

تقديم يد عاملة رخيصة ومؤهلة للقطاعين الزراعي والبناء، حيث يفتقر لبنان لليد العاملة في هذين القطاعين.
٤: في قطاع النقل البحري استعاد مرفأ بيروت عافيته، فقد سجّل ارتفاعاً في أعداد الحاويات بنسبة ٤٠ بالمائة، كما سجّل النقل الجوي صعوداً لافتاً، فقد تحوّل مطار رفيق الحريري إلى صلة وصل السوريين بالعالم الخارجي.
ووافق الدكتور رائد شرف الدين (النائب الأول لحاكم مصرف لبنان) خلاصات الدكتور وزنة في مُداخلته في الورشة المذكورة أعلاه حول الإيجابيات الناجمة عن قضايا النزوح السوري في لبنان، إذ ينشط السوريون (حسب شرف الدين) في قطاعاتٍ منتجة تتجاوز نسبتهم ٦٠ بالمائة، كما تمتاز العمالة السورية برخص الأجور، وتوفير رسوم تسجيل العمال في الضمان الاجتماعي، وهذا يعني انخفاضاً في أكلاف الإنتاج، ويشير شرف الدين إلى عامل الإنفاق الاستهلاكي المرتفع للعائلات السورية الميسورة.

المفارقة أنّ وزير الخارجية الحالي الدكتور ناصيف حتي كان حاضراً في ورشة وزارة الدفاع حول أزمة النزوح السوري،  وكانت له مساهمة في فعالياتها، إلاّ أنّه وعلى ما يبدو لم يستفد شيئاً من دراسات الخبراء الإقتصاديّين، وفي مقدمتهم زميله الجديد في وزارة الدكتور حسان دياب وزير المالية الدكتور غازي وزنة.