القضية ليست في النائب زياد أسود وليس هو وحده في هذه الصورة وليس الثوار وحدهم أيضا في الصورة إن كل نائب في البرلمان اللبناني هو مسؤول عن هذا الإنهيار وإن ضرخة الثوار في وجوه المسؤولين تمثل صوت كل لبناني يريد استرجاع وطنه وحقوقه من أيدي اللصوص والسارقين وإن استمرار الاستفزاز تجاه الشعب يجب مواجهته باستفزاز مثله وما ضاع حق وراءه مطالب.
 

النائب في البرلمان اللبناني لم يكن ليصل إلى الندوة البرلمانية إلا بأصوات الشعب، هذه الأصوات التي منحته ثقتها واعتبرت هذا النائب صوتها في البرلمان وقوتها في الحصول على حقوقها في الوطن، حقوقها المعيشية والإقتصادية والصحية والتعليمية وغيرها، وهذا في السياق الطبيعي للأمور على الأقل عندنا في لبنان.

 

وما حصل خلال الأيام الماضية على خلفية وجود النائب زياد أسود في أحد مطاعم بيروت وموقف بعض المتظاهرين يستدعي الحديث فيما هو أبعد من تلك المشاهد التي رافقت هذه الحادثة على مدى أيام .
وبالرغم من التصرفات الميليشياوية والمشاهد المؤسفة المروعة لما حصل فإن الأزمة الحقيقية تكمن في مكان آخر.

 

أزمة ثقة بين النائب والشعب:
 منذ ما قبل أزمة النائب أسود ثمة واقع جديد قديم لدى عامة الشعب اللبناني تجاه النائب في البرلمان هذا الواقع يتلخص بانعدام الثقة الشعبية بالنواب واعتبارهم المسوؤلين عما وصلت إليه البلاد من انهيار نظرا لصلاحياتهم التشريعية التي تتوافق بشكل كامل مع متطلبات السلطة وأحزابها بعدما تحولت هذه السلطة بتركيبتها الحالية إلى مجرد شركات فكان النائب وما يمثل متهما لدى عامة الشعب، الأمر الذي أدى إلى نقمة شعبية كبيرة غذتها الثورة وفرضتها الظروف التي وصلت إليها البلاد.

 

إقرأ أيضًا: فخامة الرئيس: لماذا لاتكون الإجراءات الموجعة ضد المتورطين بالفساد والسرقة؟

 


استفزازات بعض النواب للثوار:
من حق النائب أن يتحرك ويتجول كأي مواطن لبناني آخر ولكنه في موقع لا يسمح له بتجاوز أوجاع وآلام اللبنانيين والدوس على هذه الأوجاع كأن شيئا من حوله غير موجود، فيعيش كما يحلو له بيخته أو قصره أو استجماماته في وقت ما زالت الساحات تنبض بالثورة ضد الفساد وضد الصفقات وضد الأحزاب وضد كل من ساهم ووافق واشترك في الإنهيار الحاصل وبالتالي تصبح تنقلات النائب المتهم وعراضاته في المطاعم والمنتجعات استفزازا كبيرا  لمشاعر الكثير من اللبنانيين سواء من المؤيدين أو المعارضين، وبالتالي فإن النائب الذي يحترم نفسه ووطنه وشعبه يلتزم حدوده ويراعي الأزمة التي تمر بها البلاد وأزمة هذا الشعب المسحوق .


 
موقف التيار الوطني الحر من الثوار:
أضف إلى ذلك مواقف التيار الوطني الحر السلبية دائما من الثورة والتي تعكس الصورة الكاملة لتكريس الطبقية السياسية والشعبية فبينما أثبتت كل الوقائع أن "العهد القوي" بات مسؤولا عن استمرار الانهيار فإن ثمة إصرار على تبرير ما يحصل والتصويب الدائم تجاه الثورة والساحات على أنها خارجة عن الوطن فيما كل الصرخات هي صرخات الألم والوجع مما وصلنا إليه.

 

إيقاع الثورة بعد 17 تشرين 2019:
إن ثورة 17 تشرين فرضت واقعا جديدا على مساحة الوطن وكرست مزاجا شعبيا يتلاءم إلى حد كبير مع ما وصل إليه البلد من انهيار وإفلاس ومن الطبيعي جدا في الوضع الراهن أن يكون المسؤول اللبناني أو النائب أو الوزير عرضة للملاحقة والمساءلة بالطريقة الشعبية الرائجة مع غياب القدرة عن المحاسبة من خلال القضاء والأجهزة، فعندها سيقول الشعب كلمته وسينتفض على كل مظهر من مظاهر الاستفزاز والتحدي السافر لجوع وآلام اللبنانيين.

 

القضية ليست في النائب زياد أسود وليس هو وحده في هذه الصورة وليس الثوار وحدهم أيضا في الصورة إن كل نائب في البرلمان اللبناني هو مسؤول عن هذا الإنهيار وإن ضرخة الثوار في وجوه المسؤولين تمثل صوت كل لبناني يريد استرجاع وطنه وحقوقه من أيدي اللصوص والسارقين وإن استمرار الاستفزاز تجاه الشعب يجب مواجهته باستفزاز مثله وما ضاع حق وراءه مطالب.