ومع احتفاظ الشيخ صبحي الطفيلي برفضه الدائم لسيطرة حزب الله على الجمهور الشيعي، تكون الطائفة الشيعية في بؤرة الأزمة المُستجدّة على لبنان، فهي ما زالت خارج نطاق الإنتفاضة الشعبية.
 

الرئيس نبيه بري مُتوجّس من محاولات إبعاده عن حلبة السياسة اللبنانية في المرحلة المقبلة، فإذا كانت حملات مكافحة الفساد ونهب المال العام والاثراء غير المشروع وصرف النفوذ، ستمضي قُدُماً في الأشهر القادمة، فهي لا بُدّ من أن تطاله، لحجم الأموال والأملاك التي راكمتها عائلته خلال ثلاثة عقودٍ من الزمن، تربّع خلالها بري على مكامن هدرٍ وفسادٍ وصرف نفوذٍ عِدّة، في مجلس النواب ووزارة المالية ومجلس الجنوب، ومجلس الإنماء والاعمار وشركة إنترا للإستثمار وشركة حصر التبغ والتنباك، وغيرها من مواقع النفوذ الأمنية والإجتماعية والجمعيات الخيرية، وأبلى في كلّ هذه المناصب القيادية بلاءً حسناً، حتى بات يُعدّ في طليعة السياسيين الذين راكموا ثرواتٍ طائلة، لذا أعلن النّفير العام في صفوف حركته "أمل"، داعياً إيّاهم للخروج من الشارع، امتصاصاً للنّقمة الشعبية حيناً، وتجنُّباً لخوض معارك "شوارع" ربما تصُبّ في خانة خصومه من الحلفاء قبل المُناوئين له، وكان لافتاً ارتفاع صوت معارض شيعي آخر للثنائية الشيعية هو الشيخ صبحي الطفيلي، والطفيلي هذه المرّة هدّد ما تبقّى من رموز هذه السلطة الفاسدة الغاشمة، بعد غياب الرئيس سعد الحريري، الرئيسين ميشال عون والرئيس نبيه بري، وكان لافتاً هجوم الطفيلي على بري والتّهديد بطرده من رئاسة مجلس النواب، ووصمه باللّصوصية، ومع احتفاظ الشيخ صبحي الطفيلي برفضه الدائم لسيطرة حزب الله على الجمهور الشيعي، تكون الطائفة الشيعية في بؤرة الأزمة المُستجدّة على لبنان، فهي ما زالت خارج نطاق الإنتفاضة الشعبية، وهي تصحو اليوم على حقيقة أنّ الفساد أصاب بالتُّخمة نسبة قليلة جداً من كتلتها الشعبية، وراح معظمها ضحية سياسات الفساد والإنهيار والأزمات الاقتصادية والاجتماعية.

 كما أنّها لن تتأخّر عن اكتشاف خواء وضحالة "مشاريع المقاومة"، التي لم تُقدّم لها، ولن تقدم بالطبع، حلولاً اقتصادية واجتماعية وسياسية ووطنية وسيادية لمعظلة الكيان والنظام اللبنانيين، وستجد نفسها ربما عُرضةّ أكثر من غيرها لويلات الخراب الوطني العام،  الذي يضرب هذه الأيام بلدنا المنكوب والمنهوب والمُفلس.