أكد النائب الدكتور إدكار طرابلسي في تصريح أنه "لا بد في تناولنا موضوع السياسة والدولة، من الكلام عن الجيش والقوى الأمنية المتنوعة، فما من دولة ليس فيها قوى عسكرية تردع الاعتداءات وتحميها وتحمي مواطنيها".

 

وقال: "القوى العسكرية ليست للتهجم على الدول المجاورة، ولا لقهر شعوبها، بل هي بشكل أساسي لبسط سلطة القانون والدولة ولحفظ سلامتها تجاه عدو خارجي أو داخلي، والأمن، كالعدالة والحقوق، أولوية في سلم اهتمامات الدولة، إذا لم يحفظ، خربت الأمة. يستخف بعض السياسيين والإعلاميين وأهل المجتمع المدني ورجال الأعمال بالجيش والقوى الأمنية ويعارضون إعطاءها صلاحيات وصرف الأموال عليها. من المفيد تذكيرهم أن الحرص الأمني يقصد الحفاظ على سلامتهم وسلامة البيت الوطني وما فيه من ناس ومؤسسات، وقد شرعته القوانين منذ بداية التاريخ. يحذر ألبرت أينشتاين: "العالم مكان خطير، ليس بسبب فاعلي الشر، بل بسبب الذين ينظرون إليه ولا يفعلون شيئا".

 

أضاف: "لا بد من تذكير المؤمنين، المغالين بالسلامية، أن كلمة الله تنظر إلى السلاح بيد الحاكم كأداة مقدسة للإقتصاص من الأشرار وقمع الشر وفرض الصلاح وهيبة القانون وحماية الناس (رو 13: 4). أما القادة العسكريون فيجب أن يتحلوا بالقيادة والإقدام والنزاهة والحكمة والرؤية والقدرات التنظيمية والمادية. والجنود يجب أن يتحلوا بالطاعة والشجاعة والبأس والترفع والإنصاف وعدم ظلم أحد والاكتفاء بأجورهم كما قال لهم يوحنا المعمدان (لو 3: 14)".

 

وتابع: "إن كان السلاح يحتاج إلى سلطة سياسية تقف خلفه وفوقه ويعمل بتوجيهاتها، إلا أن القوى العسكرية يحق لها الدفاع عن جنودها ووحداتها مباشرة من دون الحاجة إلى قرار من السلطة السياسية. وإن كانت القاعدة السليمة هي أن القوى العسكرية، لا تطلب الحرب، وتحاول تفاديها، إلا أنها إن وقعت لا تهرب منها. أما الجيش وقوى الأمن، على عكس الميليشيات، فلا ينخرطون في حروب عبثية، ويفضلون الحلول السلمية من دون اللجوء إلى العمل العسكري، إلا أن منطق السلطة والأمن لا يسمحان لهم بالتفاوض مع الفوضويين والإرهابيين والمخربين إلى ما لا نهاية ومن دون حسم المواجهة".

 

وقال: "تجد القوى الأمنية نفسها مضطرة إلى فرض الأمن داخل البلاد بهيبة قوتها وأحيانا باستخدام السلاح، إذ تفضل قمع الشر باكرا على مكافحته بعد استفحاله إذ تصير كلفته أعلى. لقد مر في تاريخ لبنان، قبل العام 1975، فرقة شرطة اسمها "الفرقة 16" حيث تميز جنودها بقبعاتهم الحمراء وبشدة بأسهم وبسرعة حركتهم. وكان يكفي أن تتجول سيارة واحدة منهم في شوارع بيروت ليختفي المرتكبون ويشعر المواطنون بالسلام والأمان. قال ونستون تشرشل: "نحن ننام بأمان في الليل لأن هناك رجال بأس مستعدين أن يواجهوا بعنف الذين ينوون أذيتنا". إن قمع القوى المسلحة وعدم إعطائها صلاحيات للقيام بواجبها، يسمحان بكسر القانون والتطاول على الدولة والإعتداء على الناس والممتلكات الخاصة والعامة".

 

وختم: "الحكم هيبة، والقوى المسلحة تفرض هيبتها لخير الناس والمصلحة العامة. أراد السيد المسيح أن يهاب الناس: القضاء والشرطة (مت 5: 25). وهو لم ينظر، كما يظن البعض لحال طوباوية لا ضرورة فيها لقضاة وقوى عسكرية، بل على العكس علمنا احترام هؤلاء والخضوع لهم وتكريمهم. يوصينا الكتاب: "فاخضعوا لكل ترتيب بشري من أجل الرب. إن كان للملك فكمن هو فوق الكل، أو للولاة فكمرسلين منه للانتقام من فاعلي الشر، وللمدح لفاعلي الخير." (1بط 2: 13-15). باختصار، المعادلة بسيطة، لا قوى أمنية فاعلة، تزداد التجاوزات والجريمة، أما عندما يبسط الأمن، ينعم المجتمع بالسلام. المؤمن ملزم بالصلاة لسلام البلاد (أر 29: 7)".