ويبقى الترقّب سيّد الموقف لمعرفة ما يُمكن أن تقدّمه الحكومة الجديدة بعد نيلها الثقة، وما إذا ما كانت ستنجح بكسب، ليس ثقة المجلس وحسب، بل ثقة الناس، كما ثقة المجتمع الدولي، لإحداث خرقٍ فعلي في الأزمة المستفحلة في البلاد حمى الله لبنان واللبنانيين .
 
 
في غمرة التحولات الإقليمية والدولية المتسارعة، يعيش لبنان، ناهيك عن انعكاسات الصراع المستمر في المنطقة بين الولايات المتحدة وحلفائها من جهة وإيران من جهة أخرى على هذا البلد، أزمة اقتصادية ومالية تنذر بأنّ البلد مقبل على مجموعة من الاشكالات في شتّى المجالات.
ولم يكن ينقص وضع لبنان المتردي غير تداعيات صفقة ترامب،و حتى يزداد في الطنبور نغم وتتضاعف التحديات والمضاعفات التي يتخبط فيها البلد، مع السلطة السياسية الحالية، وما ترتكبه من أخطاء وخطايا في السياسة الخارجية، كما في معالجة الملفات الداخلية الحرجة.
 
 لن يستطيع لبنان أن  يتجاهل الخطوة الأميركية الصادمة، ولا بد أن يتخذ موقفاً واضحاً منها، وتحمل نتائج قراره، وما قد يسببه من إحراجات على أكثر من صعيد . ومن المنطقي الاستنتاج أنّ لبنان لن يكون بعيداً عن هذه التأثيرات حيث الحضور الفلسطيني الوازن والمسلّح في عدد من المخيمات.
 
 
  قبل صفقة ترامب  نتانياهو، بشرت واشنطن لبنان عبر تصريحات لمسؤوليها أنّ الوضع لن يكون على ما يرام مع حكومة الرئيس حسان دياب، فوزير الخارجية الأميركي  مايك بومبيو كان أكثر من واضح عندما رأى في تصريح أنّ الاحتجاجات في لبنان قالت وتقول كفى لحزب الله، وأنّ بلاده تريد حكومة تحاكي مطالب الشعب وتطلعاته وتعكس إرادته، ومن هذا المنطلق، ترى المصادر الدبلوماسية، أنّ واشنطن التي تستشعر وقوف لبنان على حافتي الانهيار والانفجار، سوف تلجأ في إطار ضغطها المستمر على القيادات السياسية من أجل فتح باب المقايضة الكبرى القائمة على الافراج عن سلام لبنان المالي والاقتصادي والاجتماعي وتسديد ديونه، مقابل تسليم لبنان بصفقة القرن التي ستفرض توطين الفلسطينيين على اراضيه مع ترسيم الحدود. وعلى هذا الأساس، تؤكد مصادر دبلوماسية  أنّ الآمال المعقودة على مساعدات  غربية وخليجية  لحكومة دياب لانقاذ الوضع، لا تزال في طور التمنيات المبنية على مواقف فرنسية على وجه التحديد، بيد أنّ حقيقة الواقع في مكان آخر ولا تبشر بالكثير من التفاؤل، فالإدارة الأميركية لن تساعد لبنان مجاناً. وعليه، فإنّ ترقب المعنيين لمساعدة خليجية للبنان عبر ودائع  من هنا وهبات من هناك، ليس في مكانه على الإطلاق وتقول المصادر نفسها، ومرد ذلك أنّ الدعم السعودي أو الإماراتي للبنان هو رهن بالموقف الأميركي من الحكومة ومن حزب الله وإيران؛ وتأسيسا على ما تقدم،  فإنّ تعاطي الإدارة الأميركية مع حكومة دياب سيكون اشبه بتعاطيها مع الحكومة السورية، لجهة أن واشنطن لم تكترث بالإصلاحات التي قامت بها هذه الحكومة، وهذا سينطبق على لبنان من خلال عدم التعاون مع حكومة حزب الله مهما جرت محاولات لتجميلها تقول مصادر مطلعة على سياسة الولايات المتحدة، التي في الوقت نفسه تتريث في إعلان الموقف الرسمي من الحكومة الانتقالية من منطلق أنها قد لا تعمر طويلاً، 
بالتوازي تنهمك الحكومة بإعداد بيانها الوزاري وإثبات تصميمها على إنجازه نهاية هذا الأسبوع،  وفق ما أشارت إلى ذلك مصادر حكومية ، لكي يصار إلى مناقشته في جلسة لمجلس الوزراء ، لإقراره ووضع اللمسات الأخيرة عليه، ثم إرساله إلى رئاسة مجلس النواب لتحديد جلسة عامة لنيل الثقة على أساسه. 
 
في هذا الوقت تسعى الحكومة لإحداث خرقٍ إيجابي ما في جدار الأزمة المالية والنقدية، 
وبالتزامن لا تزال صفقة القرن ترخي بثقلها على الأحداث، لا سيّما في ظل القلق من المخاطر التي يمكن أن تنتجها، والخوف من توطين الفلسطينيين في لبنان، حيث أشارت مصادر التيار الوطني الحر إلى أن التيار، كان ولا يزال ضد توطين الفلسطينيين والنازحين السوريين في لبنان.
وذكرت مصادر التيار أن الرئيس عون، في اتصاله مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أعلن تضامنه مع الشعب الفلسطيني، وحقه في تقرير المصير، بدوره أعرب القيادي في تيار المستقبل، النائب السابق مصطفى علوش، عن خشيته من أن، يكون التوطين أمراً واقعاً في ظل دولة ضعيفة ومفككة، متخوفاً من إجبار لبنان على ذلك بسبب الديون التي يرزح تحتها، وأن يُشترط عليه القبول بتوطين الفلسطينيين مقابل إنهاء قضية النازحين السوريين .
 
 
وفي ظل كل هذه التطورات، اعتبر علّوش أن حكومة دياب لن تستطيع أن تفعل شيئاً، والبلد ذاهبٌ نحو الفشل، مشيراً إلى أنه، غير مقتنع بأن بشّار الأسد سيعيد النازحين السوريين إلى ديارهم.
وبالتزامن مع كل هذه التحولات الجديدة، يبقى اللبناني يعيش همّه الأساس في ظل الأوضاع المالية والاقتصادية والمعيشية الصعبة، والتي لم تتحسّن مع وصول الحكومة، لا بل أن سعر صرف الدولار لا يزال على حاله لدى الصرّافين، ولا تزال الأزمة المتنقلة بين القطاعات تهدّده في أبسط يومياته. ويبقى الترقّب سيّد الموقف لمعرفة ما يُمكن أن تقدّمه الحكومة الجديدة بعد نيلها الثقة، وما إذا ما كانت ستنجح بكسب، ليس ثقة المجلس وحسب، بل ثقة الناس، كما ثقة المجتمع الدولي، لإحداث خرقٍ فعلي في الأزمة المستفحلة في البلاد حمى الله لبنان واللبنانيين .