الأخ دولة الرئيس: أنتم الأمل والوفاء لهذا البلد ولشعبه، أعيدوا النظر في تفعيل دور المؤسسة التي لم نر من كثرة عمائمها إلا الصلاة على الأموات في القبور
 

بعد تردُّدٍ دام طويلاً من عام (1997) قرَّرت أخيراً أن أكتب إليك يا دولة الرئيس وقائد المحرومين وسبيل المظلومين والمبعدين، والذين أبعدتهم بعض قياداتكم من أجل الصيد والإستئثار والوظيفة، ولا أدري إن كنت ستقرؤني كما أرجو وآمل، أم أنَّ لديكم من الإنشغالات السياسية الأقليمية والمحلية، وخصوصاً ما تمرُّ فيه البلاد والعباد من أنفاقٍ مظلمة، ومن أوضاعٍ مزرية، عصفت بها رياح عاتية، ومع كل هذا وذاك وذلك، سأفترض بأنكم يا دولة الرئيس ستمنحوني شيئاً من الإهتمام، لذلك قرَّرتُ أن أكتب إليك بعض الأمور لربما أكون من المخطئين. إنَّ المشكلة الأساسية تكمن في وظائف الدولة، بحيث عمد بعض المسؤولين من الذين دخلوا إلى جسم التنظيم بعد الفتح، لم يُشهد لهم بأنهم رموا بسهمٍ أو حجر، بل صعدوا على جهاد غيرهم، فقرَّبوا من ليس في الحركة وليس لهم باعٌ في جهادٍ حتى ولو بالكلمة، بل بعكس ذلك تماماً، إذ كانوا ينعتوننا بأوصافٍ ليس من أدبيات الدين والأخلاق والحركة.

وثانياً: ليسوا من أصحاب الكفاءة والنزاهة، قدَّموهم على كثير من أبناءكم وأبناء حركة أمل، وفي نفس الوقت لم نرهم في شعبةٍ أو في دورةٍ تثقيفية لأبناء موسى الصدر، ولم نرَ لهم موقفاً حيال ما يجري من تطاول على مقامكم ومقام حركة أمل، بل يتنعمون ويأكلون على أكتافنا في الوقت الذي قدَّمنا كما غيرنا الكثير من العمل في سبيل حركة أمل نحو الخير والأمل، ومن المدافعين عن شخصكم الكريم وعن حركة أمل وعن نهج مولانا الصدر، وهذا الصنف هم من الذين يرتدون مسوح الدين ويتقنون فنَّ الصيد والأكل.. والمشكلة الثانية: من الذين حازوا على وظائف عالية منذ توليكم عام (92) لم يجرؤ على اتهامكم بالفساد، ولولا جهودكم ووفائكم لهم، لم نعرف منهم أحداً ولم نسمع بأسمائهم، والفضل كل الفضل لكم ولحركة أمل، وبعد أن طردوا من وظائفهم، إنهالوا شتماً وكيداً، إنهم صنفٌ همهم علفهم وينعقون مع كل ناعق، ويميلون مع كل ريح..

وثالثاً: ولعله هو الأهم، دور المؤسسة الدينية أي المجلس الإسلامي الشيعي، وتفعيل الدور الذي كان إيذاناً وإعلاناً من المؤسس السيد موسى الصدر، وهو دخول الشيعية عصر المؤسسات في الوقت الذي لم تعد المؤسسة شأن الدولة وحدها، بل أصبحت شأن المجتمع اللبناني بأكمله،وهي الوسيلة الأمثل للمشاركة نحو الحركة الفكرية وفي مستوى العلاقات التي ينسجها مع كافة الأطراف والفرقاء اللبنانيين كافةٌ، على مستوى الوطن والدولة والسياسة العامة والدين والثقافة،وحتى توظيف العنوان المذهبي في المشروع الوطني الذي لم يكن مانعاً بل يكون حافزاً من أجل التناسق في النسيج الوطني والإجتماعي، لكننا يا دولة الرئيس، لم نر من هذه المؤسسة أي دور من الأمور التي ذكرت، سوى بعض الديكورات فقط من تلاوة عزاءٍ وبعض المؤذونين في فريضة الحج، بل تفعيله على المستوى الكادري في صفوف حركة أمل وتفعيل دور هولاء بدل أن يكونوا كتبة ومدرسي فتوى، فقط وفقط ينتظرون آخر الشهر، ويغتنمون نفس الموقع لا لغاية التفعيل الوطني والثقافي داخل الوطن وداخل الجسم التنظيمي..

الأخ دولة الرئيس: أنتم الأمل والوفاء لهذا البلد ولشعبه، أعيدوا النظر في تفعيل دور المؤسسة التي لم نر من كثرة عمائمها إلا الصلاة على الأموات في القبور، ومن بعدها التجمع في المراكز من أجل نيل الأجر من الأكل ـ بالتمن والباقلا ـ وإعادة النظر في صفوف حركة المحرومين لكي لا يُسمح لهؤلاء أن يسيؤوا إلى مقامكم ومقام حركة أمل التي ما زلنا نراها حركة الإنسان نحو الأفضل، لبناء الشخصية الوطنية التي تحفظ الدولة ومؤسساتها، وكلنا ثقة بكم وبحكمتكم التي تحفظنا من الخطر والفقر والخوف والجوع، حتى تكون حركتنا ووطننا في أمنٍ وأمان من المندسين والمنتفعين من أصحاب الطرابيش وأصحاب المصالح على حساب الكثيرين من أبنائكم وأبناء حركة أمل،لكي نتقاسم معكم ومع جهادكم حراسة الوطن، وما زالت قبضاتكم وآثاركم على أكثر من موقعٍ من مواقع الجهاد والبطولة والتضحيات، لذا ستبقى وقفتنا معكم رغم البعد والإبتعاد، وقفةٌ مسؤولة تفرض علينا أن نكون الأمناء للأمانة التي حملتموها والعاملين على ما تبقى لرفع الحرمان عن مجتمعٍ جدير بالتضحيات الجسام..

أخيراً أيها الحبيب: بيننا وبينكم عهدٌ وميثاقٌ وقسمٌ، نردِّدُه في كل يوم مع طلعة الشمس في بعلبك، إلى نهاية القرص في صور، وما بينهما من نهارات نسبح فيها، ونُسَبِّحُ أفواجاً وأمواجاً، ونكتب معاً بحبر الحقيقة مهما كانت مرَّة، فإنتم حرَّاس الوطن والشعب والعقيدة... دمتم بكل خير..