كثفت القوى السياسية العراقية اجتماعاتها لاختيار رئيس وزراء جديد، خلفا للمستقيل عادل عبدالمهدي، بالتزامن مع تصعيد المحتجين في 11 محافظة لحراكهم، ردا على التسويف والمماطلة من قبل أحزاب السلطة.
 
ومنذ صباح الاثنين، استقبل قصر السلام، وهو إقامة مقر رئيس الجمهورية برهم صالح، ضيوفا سياسيين يتقدمهم هادي العامري زعيم تحالف الفتح المقرب من إيران، ووليد الكريماوي المسؤول السياسي البارز في التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، للاتفاق على رئيس الوزراء الجديد، بعد فشل خطة إعادة تكليف عبدالمهدي نفسه بتشكيل الحكومة الجديدة.
 
وعلمت “العرب” أن اجتماعات قصر السلام دارت حول خمسة أسماء، يمكن أن يكلف أي منها بتشكيل الحكومة الجديدة، وهي وزير الاتصالات الأسبق محمد علاوي، ووزير المالية الأسبق علي علاوي، ومستشار رئيس الجمهورية علي الشكري، ورئيس الوزراء السابق حيدر العبادي ورئيس جهاز المخابرات مصطفى الكاظمي.
 
ووفقا لمصادر مطلعة على كواليس المفاوضات، فإن محمد علاوي هو أقرب المرشحين لنيل تكليف رئيس الجمهورية بتشكيل الحكومة الجديدة.
 
وحتى إرسال الصحيفة إلى الطبع لم يعرف الاسم الذي سيتم اختياره في وقت توجه برهم صالح إلى سويسرا للمشاركة في منتدى دافوس الذي سيعقد اليوم الثلاثاء.
 
وقالت مصادر سياسية إن القوى السياسية كثفت حراكها التفاوضي، الاثنين، للوصول إلى مرشح جديد، بعدما صعد المتظاهرون من حراكهم في 11 محافظة عراقية، احتجاجا على تسويف أحزاب السلطة، ومحاولاتها المستمرة للالتفاف على مطالب الشارع ومماطلتها.

وأمهلت مدينة الناصرية الأحزاب السياسية أسبوعا لاختيار رئيس وزراء جديد، خلفا لعبدالمهدي الذي أسقطه المتظاهرون، لكن المهلة انتهت منتصف ليل الأحد على الاثنين من دون تطورات.

وبمجرد انتهاء المهلة، صعدت الناصرية من لهجتها الاحتجاجية، محذرة من أنها قد تعلن نفسها عاصمة سياسية مؤقتة للبلاد وتشكل حكومة جديدة، تعلن بطلان شرعية السلطة في بغداد.

ونصب متظاهرو الناصرية سرادقات كبيرة على طريق دولي يربط بغداد بمدن جنوب العراق، وفرشوها بالسجاد الإيراني الفاخر، إيذانا بإقامة طويلة.

ولم تجد السلطات المحلية في الناصرية بدا من مجاراة المحتجين، وإن بشكل مؤقت، بعدما اختبرت كيف يوفر القمع دوافع جديدة للتظاهرات كي تصبح أقوى وأكثر شراسة.

ولقيت دعوة الناصرية استجابة واسعة من سكان البصرة والديوانية والسماوة والعمارة والنجف وكربلاء وبابل وواسط وديالى، فضلا عن بغداد، التي حاول المتظاهرون فيها إغلاق طرق رئيسية للتأثير على الحركة العامة، لكن السلطات تصدت لهم بعنف مفرط.

وأبلغت مصادر طبية عن سقوط متظاهر واحد على الأقل في بغداد، وجرح 30 آخرين، الاثنين، فيما قتل صحافي قرب ساحة الطيران، خلال تغطيته الاحتجاجات.

وقالت مصادر أمنية إن مكتب رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي أصدر أوامر صارمة للقوات الأمنية في بغداد بالتعامل كيفما تشاء لمنع إغلاق أي طريق حيوي، فيما تلقت القوات المسؤولة عن أمن البصرة تعليمات مماثلة تتعلق بالطرق المؤدية إلى المنشآت النفطية، التي حاول المتظاهرون قطعها.

وبرغم إجراءات القمع القاتلة التي مارستها القوات الأمنية، نجح المتظاهرون في إغلاق طريق حيوي شرق بغداد مساء الاثنين، ما تسبب في شلل مروري طال مناطق عدة.

وقال نشطاء إن محاولات إغلاق الطرق الحيوية في بغداد والمحافظات ستستمر إلى حين اكتمال تشكيل الحكومة الجديدة، التي يشترط المتظاهرون أن يرأسها شخص يحظى بموافقتهم.

وشن الإعلام العراقي، الذي يرعاه اتحاد الإذاعات الإسلامية الإيراني، هجوما واسعا على المتظاهرين بعدما صعدوا احتجاجاتهم، متهما إياهم بتخريب المؤسسات الخدمية والإضرار بالمال العام.

ومنذ انطلاق التظاهرات مطلع أكتوبر الماضي، يروج الإعلام العراقي الذي يموله الاتحاد الإيراني، لنظرية اختراق الولايات المتحدة وإسرائيل ودول الخليج لحركة الاحتجاج العراقية، وحرفها عن مسارها.

ويقول مراقبون إن طهران وأذرعها العراقية، لا تريد أن تصدق حقيقة أن الجمهور الشيعي العراقي يردد، منذ مطلع أكتوبر وحتى الآن، شعارات ضد إيران، لذلك يكابد اتحاد الإذاعات الإسلامية، عبر محطاته الفضائية ومواقعه الإخبارية وجيوشه الإلكترونية في وسائل التواصل الاجتماعي، للترويج لنظرية المؤامرة، من دون أن يلقى أدنى استجابة.