وها هي اليوم نفس الطبقة السياسية الفاسدة تتمادى في عرقلة التأليف، ممّا يزيد أمور البلد سوءاً على سوء، ولا يبقى أمام المواطنين الصابرين سوى الاستمرار في المراهنة على الانتفاضة الشعبية التي مازالت على حيويتها وثقتها.
 

أدمنت الطبقة السياسية اللبنانية الحاكمة على خرق الدستور والتلاعب بمواده نصًاً وروحاً، فقد تركت هذه الطبقة البلد بلا موازنة ما يزيد على خمسة عشر عاماً، وقبل ذلك كان الدستور برُمّته في العناية الفائقة أثناء الوصاية السورية على لبنان، وكان السيد فاروق الشرع قائماً بأعمال وزارة الخارجية السورية واللبنانية معاً، ولم تكن الطبقة السياسية ترى ضيراً في ذلك، وكان إسم رئيس الجمهورية يحدّد وفق ما يراه الرئيس الراحل حافظ الأسد مُناسباً للمنصب، وجرى بعد ذلك بشار الأسد على مذهب والده، وأُرغم الجميع على إعطاء المشروعية الكاملة لسلاح حزب الله وهيمنته العسكرية والسياسية بعد الإنسحاب الإسرائيلي عام ٢٠٠٠، وبعد الإنسحاب السوري عام ٢٠٠٥، فُرض على البلد تحمّل تبعات حرب تموز عام ٢٠٠٦، وبعد ذلك حوصر السراي الحكومي،  وأُقفل الوسط التجاري لأكثر من عامين من قِبل قوى المقاومة والممانعة، وأقفل الرئيس نبيه بري مجلس النواب حوالي عامٍ كامل قبل "غزوة" بيروت عام ٢٠٠٧ واتفاق الدوحة، وتمّ تعطيل الدستور منذ أواسط العام ٢٠١٤ حتى نهاية العام ٢٠١٦ بمنع انتخاب رئيس جديد للجمهورية تحت حُجّة حقّ الغياب عن حضور جلسات البرلمان، وما يتبعهُ من إضرار بمصالح الدولة العليا، وتهديد عمل المؤسسات وشلّ الحركة الإقتصادية، وتمّ خرق الدستور مرتين عندما مدّد المجلس النيابي فترة ولايته رغم توصية المجلس الدستوري بإجراء الانتخابات فور زوال الأسباب المانعة لذلك. 

اقرا ايضا : أما من سُليماني آخر يُنقذ لبنان يا سيد؟

 


اليوم، تُعطّل أحكام الدستور بتكليف رئيس يتولّى تأليف حكومة جديدة لمدة شهرين متتاليين، وها هي اليوم نفس الطبقة السياسية الفاسدة تتمادى في عرقلة التأليف، ممّا يزيد أمور البلد سوءاً على سوء، ولا يبقى أمام المواطنين الصابرين سوى الاستمرار في المراهنة على الانتفاضة الشعبية التي مازالت على حيويتها وثقتها برمي هذه الطبقة السياسية خارج نطاق الحكم، وعزل رموزها، ولعلّ في مقدمتهم حاكم مصرف لبنان المركزي السيد رياض سلامة، الذي تحاول هذه الطبقة الفاشلة تحميله وحده مسؤولية الإنهيار الحالي، الذي هم أبطاله وصانعوه الحقيقيون.