تأتي ترجمة هذا الكتاب ونشره في ظل مبادرة «ندعم الثقافة» الخاصة بتعزيز دور الشركات والمؤسسات الوطنية وقطاع المال والأعمال في حركة التأليف والترجمة والنشر، وإشراكها في تطوير آليات النشر والتوزيع، بما ينعكس إيجابًا على الحياة الثقافية ومجتمع القراءة.
يندرج الكتاب ضمن «سلسلة مقدمات موجزة» التي تصدرها مطبعة جامعة أكسفورد، وتضمّ مئات الكتب في شتى الموضوعات. وقد حققت هذه السلسلة مبيعات تزيد على خمسة ملايين نسخة في كل أنحاء العالم، نظرًا لتقديمها طريقة مثالية لإطلاع القارئ على الموضوع الذي يهمه في لمحة سريعة.
يقدّم الكتاب رواية حديثة عن القارة القطبية الجنوبية ، ويسلّط الضوء على المشكلات الرئيسة التي تواجهها اليوم. كما يتفحّص كيفية استكشافها وتمثيلها في المائة سنة الأخيرة، وينظر في الإنجازات العلمية والاستكشافية في المنطقة. ويوضح كيف جعلتها العولمة أكثر تداخلًا مع حركة الأفكار والسلع والبشر والتجارة والحوكمة، وكيف يؤثّر كل ذلك على المنطقة.
ينظر الكتاب أيضًا في التحدّيات والضغوط التي تواجه القارة، بما في ذلك السياحة، والصيد، والعلوم، وحماية البيئة، والسيادة الإقليمية، ويسلّط الضوء على القضايا المحيطة بالحدود والأقاليم، بما في ذلك نظام معاهدة أنتاركتيكا. وتعد القارّة القطبية الجنوبية (أنتاركتيكا) من أكثر البيئات الطبيعية تنوعًا في العالم، فهي حيّز طبيعي غير عادي يشهد تغيّرات كبيرة في الشكل والحجم بمرور الفصول. كما أنها فريدة من نوعها من الناحية السياسية، إذ تضمّ واحدة من المناطق القارّية القليلة التي لا تطالب بها أي دولة قومية.
ومن الناحية العلمية، يزوّدنا الغطاء الجليدي القارّي بأدلّة مهمّة عن مناخ الأرض القديم.
الجديد بالذكر أن مستقبل القارة القطبية الجنوبية كان غامضًا في أربعينيات القرن العشرين وخمسينياته، فقد كانت سبعة بلدان (الأرجنتين وأستراليا وتشيلي وفرنسا والمملكة المتحدة والنرويج ونيوزيلندا) تعتقد أن لديها حقوقًا سيادية فيها، غير أن الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي رفضتا تلك المطالب واحتفظتا بحقهما في المطالبة بالقارّة القطبية الواسعة وغير المأهولة.
وباشتداد الحرب الباردة في المنطقة القطبية الشمالية، ازدادت احتمالات انتقال المنافسة بين القوّتين العظمتين إلى الجنوب، بل أنها انتقلت على شكل مشروعات علمية بدلًا من الاستحكامات العسكرية وألعاب الحرب، ومخافة حدوث الأسوأ، توافقت 12 دولة على معاهدة أنتاركتيكا في سنة 1959 للمساعدة في تنظيم السلوك الدولي في تلك المنطقة. ويشير المؤلف إلى تعاظم الاهتمام بالقارّة القطبية الجنوبية (أنتاركتيكا) في العقود الخمسة التالية بفضل الأبحاث العلمية والموارد والموقع الاستراتيجي، فوضعت أطر لحوكمة تلك المنطقة وثرواتها العضوية والمعدنية، وبُذلت جهود لضمان ألا تصبح المطالبات الإقليمية موضوعًا للنزاع، لا سيما وأن كل الدول ذات المطالب الإقليمية بأنتاركتيكا تتصرّف وكأنها تتمتّع بحقوق سيادية فيها.
مؤلف الكتاب كلاوس دودز، هو أستاذ الجغرافيا السياسية بجامعة لندن، ومحرّر في مجلة «ذا جيوغرافيكال جورنال»، وهو معروف باهتمامه بمجالات الجغرافيا السياسية والحوكمة الدولية للقطبين الشمالي والجنوبي، ولديه العديد من المؤلفات المتعلقة بهذه الموضوعات.