عاني مؤسسات الرعاية الاجتماعية، كغيرها من المؤسسات، من تخاذل السلطة السياسية، وتقصيرها وتبديتها المصالح الانتخابية والحزبية والسياسية على الإنسانية، والجميع يتذكر مشهد المعوقين في ساحة بكركي يطلقون صرخة على وطن يرونه مذبوحاً وعلى جمهورية تسير نحو الانهيار.
 
وفي ظل غياب الدولة عن الاهتمام بالأوضاع الانسانية المتعددة، وُجدت هذه الجمعيات لتقدّم الخدمات لهذه الفئة، إلّا أنّ الأزمة الاقتصادية والمالية التي تضرب البلاد من جهة، وتقصير السلطة السياسية في القيام بواجبها تجاهها من جهة ثانية، دفع بعض هذه المؤسسات الى الاقفال، كمؤسسة «الكفاءات»، أو بدء العمل بدوام جزئي كمؤسسة «سيزوبيل».
 
 
 
يوم الجمعة الفائت، بدأت وزارة المال دفع أول فاتورة من مستحقات مؤسسات الرعاية الاجتماعية لجمعيات ذوي الاحتياجات الخاصة، وهو «أمر شَكّل بارقة أمل لهذه المؤسسات»، على حدّ قول وزير الشؤون الاجتماعية المستقيل ريشار قيومجيان لـ«الجمهورية»، آملاً أن «تنال المؤسسات الأخرى أيضاً، كالمؤسسات التي ترعى المسنّين والأحداث والايتام والمدمنين، حصتها من الأموال».
 
 
 
وشرح قيومجيان أنّ «الدولة تاريخيّاً تساعد هذه المؤسسات كونها لا تملك مؤسسات رعاية خاصة بها، وهذه المؤسسات، كالمبرّات، وسيزوبيل، ودار الايتام الاسلامية وغيرها، لديها عقود مع الوزارة، التي تدفع وفق اعداد المُسعَفين لديها، أي الحالات الانسانية الموجودة. وبالتالي، هذه المؤسسات ليست وهمية».
 
 
 
ولفت إلى أنّ «التأخر في الدفع لهذه المؤسسات لا تتحمّل مسؤوليته وزارة المال، إنما التأخر كان من وزارة الشؤون الاجتماعية، نتيجة تلكؤ بعض المديرين والموظفين، حيث أحالتهم جميعاً إلى هيئة التفتيش المركزي. أمّا اليوم، فقد استطعنا الوصول الى تأمين الدفعة الأولى من الفواتير أي الفواتير التي تعنى بالفصل الأول، والتي سيليها لاحقاً دفع فواتير الفصول الأخرى».
 
 
 
وقال قيومجيان: «لم أنتظر موازنة تموز، بل استحصَلتُ على موافقة مجلس الوزراء على إبرام العقود وفق موازنة 2018. وكما ذكرت، انّ التأخير كان يتخطى إرادتي، والمعنيين أحيلوا الى التحقيق. وبالتالي، في المرحلة المقبلة ستسلك الأمور مسارها الطبيعي، حيث سيتم التدقيق بفواتير الفصول الأربعة لدى المراجع المعنية، بمَن فيهم وزارة المال، حيث من المقرر أن تُدفع كل مستحقات سنة 2019 قريباً».
 
 
 
وإذ أكد قيومجيان أنّ «هذه الدفعات ستشكّل دعماً لهذه المؤسسات لكي تستمر في عملها»، لفت إلى «بعض العوامل التي أثّرت سلباً على العمل اليومي لهذه المؤسسات، ومنها تفاقم الديون، وسعر صرف الليرة أمام الدولار، تجاه المستحقات التي يجب عليهم دفعها، كمصاريف يومية او شهرية».
 
 
 
وكذلك لفت أيضاً إلى انّ «من بين الأمور المؤثرة سلباً انّ الدولة ما زالت تدفع على الحالة وفق سعر كلفة 2011، بينما يجب الدفع وفق كلفة 2020»، مُعرباً عن أسفه لـ«رفض مجلس الوزراء طلبه زيادة مبلغ 35 مليار ليرة على الموازنة لكي يستطيع زيادة سعر الكلفة لهذه المؤسسات، لمصلحة زيادة موازنة وزارة المهجرين التى بلغت نحو 40 مليون دولار من أجل خدمات انتخابية».
 
 
 
وعن قضية مؤسسة «الكفاءات»، أوضح قيومجيان أنها «لا تستطيع المباشرة في عملها قبل دفع الفصل الثالث على أقلّ تقدير، وبالتالي نأمل خيراً في هذا الموضوع».