قال الطبيب رافائيل بيتي -الذي يعمل مع منظمة غير حكومية في سوريا والقادم من منطقة إدلب السورية التي تتعرض للقصف الشديد من قبل النظامين الروسي والسوري- إن الحالة الإنسانية هناك مأساوية.
 
وفي مقابلة مع صحيفة لوباريزيان الفرنسية، قال بيتي -المسؤول عن التدريب باتحاد منظمات الإغاثة والرعاية الطبية التي تدعو إلى التبرعات لتمويل إنشاء عيادات متنقلة بسوريا- إن منظمته مع جمعيات أخرى قد نبهوا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عندما قابلوه إلى الوضع الإنساني في محافظة إدلب.
 
وأوضح بيتي -لمحاوره هانري فيرني- أن إدلب باعتبارها "منطقة آمنة" تدفق إليها اللاجئون من حلب وغيرها، مما رفع مجموع السكان إلى نحو أربعة ملايين، 40% منهم مهجرون من ديارهم.
 
وأضاف أن مساعدات الطوارئ الدولية -بما فيها الغذاء- كانت تأتيهم من تركيا عبر ممرات إنسانية تشرف عليها الأمم المتحدة، إلا أن نظام الرئيس السوري بشار الأسد المدعوم عسكريا من الروس قرر استعادة هذه المنطقة التي لم يبق خارج سلطته غيرها من سوريا.
 
وربط الطبيب بين هذا القرار وكون الرئيسين السوري والروسي يريدان الإعلان عن نصرهما في الحرب، مشيرا إلى أن قواتهما "تقصف المدارس والأسواق ومخيمات اللاجئين، وقد دمرت منذ أبريل/نيسان 2019 ما مجموعه 67 من الهياكل الطبية التي بنيناها في هذه المنطقة".
 
وعند السؤال عن وجود "جهاديين" بهذه المنطقة، قال بيتي إن هناك نحو سبعين ألف "متمرد" بينهم نحو عشرة آلاف من جبهة تحرير الشام المنحدرة من تنظيم القاعدة، ولكن لا سلطة لها على "المتمردين".
 
ماذا يمكن أن تفعله فرنسا؟
وعند سؤاله عن فرنسا وماذا يقول ماكرون، أوضح ضيف الصحيفة أن الرئيس الفرنسي يفضل التفاوض مع الروس بدلا من إصدار تصريحات قوية لا تؤدي إلى شيء، وهو يدرك أن الروس يتخذون من وجود "المتمردين" ذريعة، ولا يميزون في قتالهم بين "الجهاديين" والسكان المدنيين المحتجزين رهائن بحكم الواقع، رغم أنهم فروا من نظام الأسد بحثا عن الحرية.
 
وأشار الطبيب إلى أن ما طلبوه هو تمكينهم من توفير المساعدة الطبية والغذائية للسكان، لأن هناك حالات طارئة، ومجاعة حقيقية تهدد المدنيين خاصة أن اللاجئين الفارين من القصف يتجمعون عند الحدود التركية التي لا يمكنهم عبورها.
 
وقال أيضا إن ماكرون أوضح لهم أنه يتفاوض مباشرة مع الروس لإعادة فتح الممرات الإنسانية الثلاثة التي كانت موجودة، وهو يبدو واثقا من إعادة فتح اثنين منها، ولكن الإذن من روسيا ضروري. أما الثالث الذي سيسمح بتقديم مساعدة مباشرة للأكراد السوريين بالشمال الشرقي، فإنه يأمل أن تكون المناقشات ناجحة، وإن كان يخشى من ضغط تركي.
 
وختم الطبيب الإنساني بأن الرئيس أخبرهم بأنه يسعى لهدنة توقف القصف، لكنه أكد رفضه أي تفاوض مع الأسد، لأن فرنسا تطالب بتغيير سياسي في هذا البلد، إلا أنه لم يبد تفاؤلا بالحصول على الهدنة، لأن الخصم -كما يقول- هو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي يريد قبل كل شيء إنهاء الحرب على طريقته.