صدر عن مركز الحضارة لتنمية الفكر الاسلامي في بيروت كتاب جديد بعنوان : فلسفة العدالة وإشكاليات الدين والدولة والاجتماع الانساني، للباحث والكاتب الشيخ الدكتور محمد شقير ، وهو استاذ في الجامعة اللبنانية وفي الحوزة العلمية في لبنان وصدر له العديد من الكتب والدراسات والابحاث في المجالات الدينية والفكرية والاجتماعية.
 
والعدالة هي القيمة الانسانية الاكثر انتشارا وشمولية وانبساطا على الصعيد الانساني والكوني ، وهي مطلوبة في علاقة الانسان بنفسه ومع اسرته ومحيطه الاجتماعي ، كما هي مطلب انساني عالمي يدغدغ مشاعر البشرية منذ مئات السنين.
 
ولذلك نجد ان العدالة هي الشعار الاكثر شعبية وشعبوية في عالم اليوم ، وكل فريق او جهة او مجموعة مذهبية او فكرية او دينية او حزبية او سياسية تدّعي العمل من اجل نشر العدالة وتحقيقها للبشر وفي الكون ، والعدالة  كانت وقودا للكثير من الحركات الدينية والانسانية، ولكن للاسف عندما تصل هذه الحركات الى السلطة او تتحكم بالبشر فانها تتخلى عن العدالة وتحقيقها لكل الناس.
 
على ضوء هذه الاشكالية كان مطلب العدالة احد اهم الموضوعات التي تحدث عنها الكتّاب والمؤلفون والباحثون ، وكل واحد منهم تناول الموضوع من زاوية معينة ، ومع ذلك لا يزال البحث عن العدالة والكتابة حولها ضروريا ومفيدا. 
وعلى ضوء ذلك اختار الباحث والكاتب الشيخ الدكتور محمد شقير ان يتناول موضوع فلسفة  العدالة من زوايا مختلفة ولا سيما منظور الدين والدولة وعلاقتها بالاجتماع الانساني ، وهو يعتبر : ان العدالة هي اكسير حياة البشر ، وسبب هنائهم ، وانتظام امرهم ، واستقرار مجتمعاتهم ، في حين ان للظلم اثارا تصيب مختلف مجالات الحياة البشرية وميادينها.
 
ويعتبر الباحث : ان ازمة العدالة وفقدها تأتي على رأس سلّم الاولويات ، لتكون اخطر تلك الازمات التي تعاني منها البشرية حاليا وفي المستقبل.
 
ونظرا لاهمية هذا الموضوع اختار الباحث ان يتناوله في الدراسة والتمحيص من جوانب مختلفة ، داعيا للاهتمام على اوسع مدى بموضوع العدالة في العالم وان يتم دراساته من خلال العلاقة بمختلف العلوم الانسانية وان يخصص له المؤتمرات والمناسبات والايام المتعددة ، وان يتحول مشروع العدالة الى قضية كل البشر والايمان به بشكل حقيقي وعميق .
 
وقد تضمن الكتاب عدة فصول بعد المقدمة: الفصل الاول بحث في ماهية العدالة وعلاقتها بالجوهر الاخلاقي ، الفصل الثاني تركز حول علاقة الدين بالعدالة وتضمن عدة ابحاث ومنها : الخطاب الديني واشكالية العدالة، هل تستغني العدالة عن البيان الديني، العدالة وفكرة المهدوية ، واما الفصل الثالث فخصصه الباحث حول علاقة المجتمع بالعدالة وتضمن بحثا عن العدالة والصناعة الهوياتية  والبحث الثاني حول العدالة واشكالات الوحدة والتقريب والاختلاف، واما الفصل الخامس فكان حول العدالة والدولة وتضمن عدة ابحاث حول : العدالة وإمام العدل ، وفقه السلطة وفقه العدالة، والدولة الدينية ودولة العدالة ، وعلاقة العلمانية المتطرفة بدولة العدالة ، ومشروع الاسلام السياسي ودوره في اقامة العدالة ، والعدالة وحق تقرير المصير، واما الفصل الخامس فتحدث عن العدالة والعلوم الانسانية ، والفصل السادس تضمن نموذج تطبيقي في فلسفة العدالة وعلاقتها بالازمة المالية والاقتصادية.
 
وبالاجمال يحاول الباحث من خلال هذا الكتاب ان يقدّم مقاربات جديدة وعملية واجتماعية لمفهوم العدالة ، وهذا موضوع مهم وضروري وحاجة دائمة للبشرية ، ومن هنا ضرورة مناقشة هذا الموضوع من زوايا مختلفة ، ولعل هذا الكتاب اضافة جديدة في هذا الاطار تستحق الاهتمام والبحث.