ما هي تبِعات هذه المواجهة المفتوحة مع الهيمنة الأميركية على لبنان؟ لا يُعير السيد نصرالله شأناً ولا بالاً لهمِّ كهذا، الصراع مع الأمبريالية الأميركية يتخطّى كلّ الحدود، وهذه مسائل خلافية قديمة (مع شركائه في الوطن) كما يقول السيد، وأعادها لبداية انطلاقة المقاومة الإسلامية في لبنان عام ١٩٨٢.
 

جاء خطاب السيد حسن نصرالله أمين عام حزب الله اليوم خارج سياق الدولة اللبنانية، دولة تتخبّط في أزماتها المالية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية، دولة تتحضّر لولادة حكومة جديدة علّها تُعيد إنعاش الهيكل الذي يحتضر، إذ بها تتعثًر بحادثة اغتيال القائد الميداني قاسم سليماني، ونائب قائد الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس، فبعد أن كان اللبنانيون بانتظار إعلان التشكيلة الحكومية الجديدة نهاية هذا الاسبوع، عاد شأن التأليف خطواتٍ عدّة للوراء انتظاراً لخطاب السيد نصرالله اليوم، وبالفعل فقد أغفل نصرالله أزمة الوضع الحكومي وصعوبة تأليف حكومة إنقاذية حيادية من أصحاب الكفاءات الوطنية والتكنوقراطية، وأنهى خطابهُ كما بدأه، تأبين الراحلين والاستعداد لمواجهة "الهيمنة" الأميركية في المنطقة العربية ومحيطها.
في منطق السيد نصرالله لا بُدّ من ردٍّ أو ردودٍ تتناسب مع حجم "جريمة" الاغتيال التي وقعت في الثاني من الشهر الجاري، وأودت بحياة قائدين مُميّزين في المحور الإيراني، والرّدّ كما يرى نصرالله ليس ثأراً شخصيّاً أو قبَليّاً، أو ردّ فعلٍ غاضبٍ أو انفعالي، بل سيكون ردّاً مُمنهجاً بين "معسكرين" أو (فسطاطين حسب لغة بن لادن): معسكر المقاومة والممانعة في جهة، ومعسكر الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة، لذا فإنّ محور المقاومة( والذي يتزعمه في المنطقة السيد نصرالله كما يبدو) معنيٌ بالردّ في المقام الأول، ذلك أنّ الردّ الإيراني(إن وُجد) يبقى مُرتبطاً بمصالح الدولة الإسلامية الإيرانية واستراتيجياتها وتقلُّباتها، في حين تبقى فصائل المقاومة والممانعة مُحرّرة من كلّ قيدٍ أو ظرف، وبما أنّ السيد نصرالله يظهر باعتباره مُمثّلاً وناطقاً بلسان محور المقاومة،  فقد حدّد هدفاً كبيراً ( يوازي جريمة الاغتيال التي وقعت في الثاني من الشهر الجاري) يسعى لتحقيقه، وهو إزالة الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة العربية والخليج.
ما هي تبِعات هذه المواجهة المفتوحة مع "الهيمنة" الأميركية على لبنان؟ لا يُعير السيد نصرالله شأناً ولا بالاً لهمِّ كهذا، الصراع مع الأمبريالية الأميركية يتخطّى كلّ الحدود، وهذه مسائل خلافية قديمة (مع شركائه في الوطن) كما يقول السيد، وأعادها لبداية انطلاقة المقاومة الإسلامية في لبنان عام ١٩٨٢، وهذا أمرٌ خطير فيما لو أخذ مداه، فقد يُدخل البلد في مرحلة خطرة جدّاً، قد تودي بما تبقّى من هذه الدولة المتهالكة، وتفتح لآفاقٍ من الصراعات الأهلية التي خبر اللبنانيون ويلاتها ومآسيها خلال الحروب الأهلية المتعابقة منذ الاستقلال وحتى اليوم.