بعد مقتل الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني في غارة أميركية على مطار بغداد وتوعد طهران بالرد، بات السؤال الذي يطرحه المحللون والمتابعون للشأن الإيراني اليوم هو كيف سيكون هذا الرد المحتمل؟ وما ساحات المواجهة الإيرانية الأميركية المحتملة؟
 
فالملاحظ أنه بالحديث عن نقاط الاشتباك الأميركي الإيراني على مستوى الرقعة الجغرافية والأهداف المحتمل مهاجمتها يمكن القول إنها منطقة شاسعة جدا وممتدة من الخليج العربي إلى العراق وسوريا ولبنان واليمن، وحتى شبه القارة الهندية.
 
وتشمل هذه المنطقة مياه الخليج العربي ومضيق هرمز وبحر عمان حيث تتمركز قوات هامة من الحرس الثوري الإيراني، العمود الفقري للقوات الإيرانية التي كان الجنرال سليماني يرأس فيلق القدس العامل تحت لوائها.
 
وقال مراسل الجزيرة في طهران نور الدين الدغير إن هناك خريطة أهداف تحدث عنها المسؤولون الإيرانيون تتعلق بالقواعد العسكرية الأميركية الموجودة في المياه الخليجية التي تقدرها طهران بنحو ثلاثين هدفا عسكريا، أما على مستوى المناطق البرية في محيط إيران فيجري الحديث عن حوالي مئتي قاعدة عسكرية أميركية.
 
منطقة ممتدة
ويرى الكاتب والمحلل السياسي اللبناني فيصل عبد الساتر أن إيران ستستفيد من المساحة الجغرافية الواسعة التي تسيطر عليها في المنطقة، إذ إن لها وجودا في كل من العراق وسوريا ولبنان واليمن، سواء عبر قواتها أم من خلال حلفاء وموالين لها، وهو ما يسهل عليها الرد بالتنسيق مع "أذرعها" في هذه المناطق. 
 
 
ويضيف عبد الساتر أن حلفاء إيران والموالين لها كثيرون ومنتشرون في كل مكان، لذلك يمكن أن يكون الرد في أي منطقة من هذه المناطق الشاسعة، وقد تمتد خريطة الأماكن المحتملة للرد الإيراني إلى أفغانستان وباكستان، وهو ما يصعب الإجابة عن سؤال أين سيكون الرد؟
 
ويشير إلى أن الرد يمكن أن يكون بالأيادي الإيرانية عبر عمليات ذات صبغة أمنية ضد مصالح أميركية في المنطقة دون أن تتبنى هذه العمليات، أو يكون عبر موالين وحلفاء ضد مصالح أميركية أخرى بعيدا عن منطقة الخليج.
 
إستراتيجية
أما ريتشارد غوايتس خبير الأمن والإستراتيجيات العسكرية الأميركي فيستبعد المواجهة العسكرية المباشرة بين الجانبين، لأن الإيرانيين اقتدوا في إستراتيجيتهم لمواجهة أميركا بكل من الصين وروسيا وكوريا الشمالية.
 
وأضاف أن إستراتيجية المواجهة الإيرانية تعتمد على تجنب المواجهة العسكرية المباشرة والقيام بخطوات عسكرية وأمنية متفرقة ومتباعدة، لمحاولة إحراج الولايات المتحدة وإظهارها بمظهر الضعيف، لكنها لا ترقى إلى درجة إعطاء أميركا مبررا لشن عملية عسكرية واسعة عليها.
 
وأشار غوايتس في حديث للجزيرة إلى أن الإيرانيين قد يسقطون طائرة عسكرية أميركية مسيرة لكنهم لا يقتلون أحدا، أو يزرعون ألغاما بحرية في منطقة الخليج لكن لا أحد يتبنى المسؤولية عنها، أو يهاجمون منشآت نفطية لحلفاء أميركا في المنطقة ولا أحد يتبنى العملية.
 
وختم الخبير الأمني حديثه بالقول إن رد طهران قد يتجاوز منطقة الشرق الأوسط، لكن الإيرانيين سيحرصون على تفادي أي صدام عسكري مباشر مع الولايات المتحدة، لأن أي ضرر قد يلحقه الإيرانيون بالولايات المتحدة سيجعلهم يخسرون المواجهة معها برمتها، وهم يدركون ذلك جيدا.
 
فرص المواجهة زادت
من جهته، قال حامد موسوي أستاذ العلوم السياسية في جامعة طهران إنه ما زال من المبكر الحديث عن طبيعة الرد، باعتبار أن المؤسسات الإيرانية المعنية ما زالت تجتمع وتدرس خلفيات عملية الاغتيال والاحتمالات الممكنة للرد عليها.
 
وأضاف أن اغتيال شخصية في وزن وأهمية الجنرال قاسم سليماني تعد تصعيدا خطيرا، وهو ما يجعل إيران أمام خيار وحيد وهو الرد العسكري، نظرا إلى أهمية الشخصية المغتالة ورمزيتها بالنسبة إلى الإيرانيين.
 
 
 
وأشار موسوي إلى أن القواعد العسكرية الأميركية المنتشرة في المنطقة، خاصة في العراق وأفغانستان والإمارات، قد تكون أهدافا محتملة للقوات الإيرانية في حال اتخاذ قرار الرد، مشددا في المقابل على أن إيران لا تريد صداما عسكريا مباشرا مع أميركا، لكن فرص المجابهة المباشرة زادت بشكل دراماتيكي بعد عملية اغتيال سليماني.
 
وهو أمر ذهب إليه أيضا عزيز جبر شيال أستاذ العلوم السياسية بالجامعة المستنصرية بغداد، إذ يرى أن الرد قد يطال القواعد الأميركية المنتشرة في المنطقة، مشيرا إلى أن الإيرانيين أعلنوا في وقت سابق أنهم وضعوا 35 هدفا محتملا لمهاجمتها في حال شن حرب أميركية عليهم، وأشار إلى أن الانتقام الإيراني يمكن أن يطال أيضا البوارج والقطع البحرية الأميركية في مياه الخليج.
 
يذكر أن إيران تعهدت بالانتقام لمقتل الجنرال قاسم سليماني في غارة جوية أميركية قرب مطار بغداد الدولي، في حين تقرر عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن القومي الإيراني لبحث الرد المناسب، كما أعلن المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي الحداد ثلاثة أيام، مهددا الولايات المتحدة بأن انتقام إيران سيكون "ساحقا"، بينما أعلن علي الشيرازي ممثل المرشد الأعلى في فيلق القدس أن الانتقام لاغتيال سليماني واجب شرعي.