لا شك في ان لبنان، ومنذ 17 تشرين الاول الماضي، دخل مرحلة جديدة  ولم يعد أمام سائر المعنيين المغامرة، واللعب على الوقت، لاسيما وان هذا الزمن الوطني الجديد، يتطلب منهجيته الجديدة في العمل السياسي، برفض ذهنية المحاصصات السياسية باسم الطوائف والمذاهب، التي أفقدت لبنان مقدراته، ورمت الغالبية الساحقة من اللبنانيين تحت خط الفقر بل وفي خطر المجاعة.
 
حاولوا تخطّي كل الأعراف والنصوص والصلاحيات والدستور واتفاق الطائف، وضربوا بعرض الحائط كل ادعاءات الحرص على المؤسسات والتمثيل الصحيح والشراكة والإصلاح، وقفزوا فوق كلامهم ووعودهم وطبقوا المعايير المزدوجة وفق ما تمليه مصالحهم، واعتقدوا أن الحكومة المسماة تكنوقراط  ذات صبغة اللون الواحد يمكن أن تخرج هكذا دون إقامة أي اعتبار لشرطٍ لازم لا يمكن أبداً التغاضي عنه، ألا وهو صحة تمثيل المكونات التأسيسية للبنان
وبعد أن كانت الأمور على مستوى التأليف قد بلغت مراحل شبه نهائية، أكدت مصادر مطلعة أن العملية التي أثقلتها الدعسة الناقصة في خطأ الإخلال بالتمثيل ، وبطّأتها عطلة رأس السنة، سوف تعود مع انقضاء استراحة العيد إلى المرحلة التي كانت عليه مع الأخذ لا شك بعين الاعتبار الحالة السنية والحالة الدرزية دون إغفال الحالة الشعبية التي تقف بالمرصاد، لتتفرمل عملية تأليف الحكومة،وتتشكل حالة من الارباك امام هواة تأليف الحكومات اصحاب الطبيعة الاستئثارية، الذين لم يستطيعوا أن يرتقوا الى مستوى المسؤولية الوطنية بضرورة الوصول الى حكومة إنقاذ تتمتع بالثقة الشعبية وترضي المجتمع الدولي والاقليمي لا حكومة استفزاز فالمطلوب الإقلاع عن سياسة المحاصصة، وعلى ما يقول عديدون من المتابعين عن قرب، حل جذري لان سياسة المحاصصة والتبعية أوصلت، البلد الى حافة الانهيار. حيث لم يعد خافيا على أحد، ان البلد يغلي جراء الاوضاع السياسية – الاقتصادية المالية والمعيشية التي يمر بها. وهي أوضاع يتفق خبراء على أنها غير مسبوقة على هذا النحو وهذا القدر. وكلام البطريرك الماروني، في عظة الاحد الماضي، خرج عن سياق سائر المواقف السابقة، محتضنا انتفاضة اللبنانيين، أينما وجدوا، وأيا كانوا محذراً من ان الاستمرار في اهمال هؤلاء سيؤدي الى ثورة وطنية. وتغيير جذري في وجه الطبقة السياسية.  وفي غضون ذلك، عاد الاشتباك الإيراني الأميركي الذي انفجر مواجهة مباشرة في العراق ليلقي بتداعياته على المشهد المحلي فالسفينةُ اللبنانية التي تواجه خطرَ السقوط على وقع تَلاطُم عواصف المواجهة الأميركية  الايرانية، أَخَذَها الارتيابُ أكثر مع الموجة الجديدة من تلك المنازلة التي انفجرتْ في العراق بعد الاستدراج الإيراني لواشنطن بقتْل أحد المتعاقدين الأميركيين مع قواتها التي أغارت على قواعد لـ حزب الله العراقي، ثم محاولة اقتحام حلفاء إيران السفارة الأميركية في بغداد.
 
ورفعت بيروت من مستوى تهيبها لِما يجْري في العراق في اللحظة التي تَزايدتْ التساؤلاتُ عن التعقيدات التي يواجهها الرئيس المكلف حسان دياب، الذي اختير من الحلف الثلاثي التيار الوطني الحر وحزب الله وحركة أمل  لتشكيل حكومةٍ أحادية يملك فيها حزب الله عبر تحالفاته المحلية اليدَ الطولى وستكون تالياً في خدمة توجّهاته الإقليمية كأحد الأذرع الطويلة لإيران.  حيث تخوفت المصادر من أن ينعكس التوتر بين الطرفين على الساحة العراقية توتراً على الساحة اللبنانية، لكنها أشارت في الوقت نفسه إلى أن ذلك يمكن تفاديه في حال تمكنت الأطراف المعنية بالتأليف في لبنان من معالجة العقد المتبقية على قاعدة وحدة المعايير على كل الأطياف السياسية والروحية، وبذلك يمكن ولادة الحكومة قبل وصول مد المواجهة بين طهران وواشنطن إلى بيروت. 
 
صحيفة وول ستريت جورنال قالت في افتتاحيتها بالامس أن على الرئيس الأميركي دونالد ترامب التحضير للمزيد من الرد العسكري فيما إذا قررت إيران التصعيد مع الولايات المتحدة.
 
واعتبرت الصحيفة ان الرد الأميركي باستهداف مليشيا كتائب حزب الله الشيعية في سوريا والعراق خطوة لابد منها وكانت لازمة بعد الهجمات العديدة التي شهدتها الولايات المتحدة وحلفاؤها في المنطقة. ورأت الصحيفة أن من واجب ترامب باعتباره قائد القوات المسلحة الأميركية الرد وحماية المصالح الاميركية وبالتالي لا يمكنه تجاهل التصعيد الإيراني في الوقت الذي تكون فيه حياة القوات الأميركية على المحك.