أهم ما في عام 2019 هو بروز الثورة  كمكون وطني جامع قلّ ما شهده لبنان طيلة تجاربه السياسية و في مراحل وجوده كافة و قد تكون إحدى علاماته البارزة بعد أن تعدّدت فيه علامات الطائفية البغيضة و التي كرّس هويتها السياسية النظام الطائفي و أعادت الأحزاب الطائفية تسليحها لحماية طبقة سياسية هي الأكثر سوءًا من بين القيادت التي تعاقبت على حكم البلد من المتصرفية إلى المارونية السياسية .
 
لذا ربحنا في عام 2019 ثورة رغم خسارتنا للثروة الوطنية التي سرقتها طبقة سياسية كاملة من أدنى موظف و سمسار إلى أعلى رتبة في المؤسسات و في المنظمات الإجتماعية و الشبكات السياسية و هذا ما عوّض علينا خسارات متتالية كون الأمل قد ضاع منذ زمن و فقدناه و ما عاد موجوداً حتى في أحلام اللبنانيين .
 
باتت الثورة إحدى مرتكزات العمل الوطني أيّ مساحة التحرّك للوصول إلى مقتضيات الدولة المدنية الحديثة و رمي دول المزارع خارج سياج الوطن لهذا إندفع غيارى الطائفية المميتة و القاتلة و المتسلحة إلى ممارسة دور القاتل للثورة و المُجهض لها كيّ لا تتمكن من تغيير بنية السلطة التي توفر لهم أحلام جديدة من الإستمرار في إمساك مصادر القوّة لسنوات طويلة و غير محدودة ظناً منهم بأنهم الجماعة المختارة للعب الدور التاريخي في حركة الكون ما بين الخير و الشر دون معرفة مسبقة بأنهم يمارسون الشر باسم الخير و يعتبرون أنفسهم أخياراً و هم من الأشرار في أفعالهم التي لم يرتكبها بعدُ أهل الشر.
 
هذا الالتباس المسؤول عن ضياع الفرصة التاريخية أو المناسبة للخروج من عنق الزجاجة رسم أكثر من علامة إستفهام حول واقع قوى الأمر الواقع و التي تنحاز دوماً لخيارات غير خيرة من خلال تعزيز أصول اللصوصية رغم إنتهاء آخر رصيد في بنوك الدولة و تحوّل الدولة إلى متسوّل في آخر أدواره بعد أن هرم و فقد ثقة الواهبين و المقرضين كونه لم يستفد يوماً من المال الممنوح له كيّ يطور أوضاعه و يخرج من لباس التسوّل إلى أناقة الدولة الميسورة و هذا ما فضح قيادات تبذخ على شبكاتها العائلية من حسابات التسوّل و من جيوب العرب و الغرب .
 
إن الحضور المُذهل للثورة من طرابلس إلى صور و في تنوعاته كافة و في تحضيراته العفوية أو المنتظمة و فق مراحل الدور الذي تلعبه الثورة  لإعادة لبنان من ناهبيه و سارقيه قد فرض وعياً لبنانياً عطّل من القنابل الموضوعة بين الطوائف كي لا تلتتقي و فرض أيضاً ضرورة الإستمرار كي لا تكون الثورة مجرد نزهة في حقل الطوائف و هذا ما سيلغي من أيّ إحتمال تغيري مرتقب لبنى السلطة في القريب العاجل خاصة و أن المتمسكين بحبال الطائفية باتوا أعجاز نخل خاوية أمام التحديات الإقتصادية التي عرّت إمكانياتهم و أفقدتهم لذة الإنتصارات الوهمية و باتوا يبحثون عن حلول في تفسيرات منامات يوسف و اعتماد ما تأكل الطير من رؤوس الشعب لمواجهة سنيين عجاف بعد أن أكلوا كل السنيين السمان .
 
لقد كان عام 2019 عام الثورة فهل يكون عام 2020 عام الثورة أيضاً ؟
 
يبدو أن الإجابة برسم اللبنانيين مع بدايات مطلع عام حكومة ملتفة على قضايا الشعب لتأخذ بإسم التكنوقراط ما عجز عنه السياسيون للقضاء على الثورة  .