كعادتها ،هدَدت الحكومة السورية اسرائيل بالردَ ،ولكن في مكان ووقت مناسبين لها ،ووظَفت الغارة الاسرائيلية بطريقة غير موفقة عندما ربطت بين القاعدة وأتباعها وبين الصهيونية، وحاولت على لسان وزير اعلامها الانتفاخ بطريقة غير صحية وغير دبلوماسية، ذكرتنا بالوزير المعلم في مؤتمراته الفضفاضة عندما أزال أوروبا عن الخارطة، ووعد بديمقراطية سورية لا مثيل لها في العالم.
كان من المفترض اتخاذ مواقف بحجم الضربة الاسرائيلية، والتعاطي مع نتائج الغارة بطريقة مختلفة عن طبيعة تعاطيها الكلاسيكي مع الاستهداف الاسرائيلي الدائم لها، واتخاذ اجراءات تعبَر عن ارادتها الوطنية ،وعن موقفها القومي ،بدلاً من الذهاب الى المنطقة الرخوة في الردَ، واعتبار سوريين أرهابيين مسؤولين عن الغارة التي حصلت تأييداً لهم وتوفيراً لفرص ميدانية وعسكرية تعطيهم الدور الذي أخذ منهم عنوة في الأيام الماضية من خلال تقدَم الجيش في أكثر من مدينة وريف سوري .
مثل النظام، اندفعت المعارضة السورية الى جعل الغارة مخططاً مسبقاً بين النظام والكيان الاسرائيلي بهدف تعويم النظام الذي بات متلاشياً ويحتاج الى انعاش استثنائي لاعادة تلميعه من جديد، ومدَه بالأوكسيجين الثوري ليستعيد النظام خطاباته المستهلكة في التصارع الوهمي مع اسرائيل .
من المؤكدَ أن التصريحات الرسمية والمعارضة لا تعبَر عن مضمون وطني ،وانما تعكس سياسات داخلية تثبت واقع الانقسام الجذري واستحالة التوصل الى خيارات سورية تضمن ماتبقى في سورية من امكانية لعودة دولة .
من المفترض أن تعزز الغارة الاسرائيلية من الموقف السوري، وبشقيه الرسمي والمعارض ،وأن نسمع موقفاً تاريخياً ينسجم مع شعارات السوريين عندما يهدد العدو، وعندما يضرب العدو مواقعاً هي ملك كلَ سوري ،ولكن ،وللأسف ما سمعنا سوى تسخيف وتسطيح ورميَ للمسؤولية على المعارضة من قبل النظام وعلى السلطة من قبل المعارضة .
تذكر بعض كتب التاريخ أن الامام علي (ع) وأثناء شدَة الخلاف مع معاوية ، ولحظة سماعه أنَ الروم على استعداد لمهاجمة الدولة الاسلامية أنَه قال: والله لو فعلها ابن الأصفر لوضعت يدي بيدي معاوية .وعندما احتلت اليابان الصين وكان ماوتسي تونغ يقود حركته ضدَ الحزب الوطني الحاكم أعلن حلَ معارضته لصالح مقاومة الاحتلال وقدَ أدَى ذلك الى التحرير الذي أوصل ماو الى السلطة