سلسلة من الغارات الجوية الأميركية على قواعد لميليشيات عراقية مدعومة إيرانيا، اعتبرها مراقبون تصعيدا جديدا قد ينقل التهديدات من حيز القول إلى الفعل.
 
وكانت القوات الأميركية قد شنت سلسلة غارات، الأحد، على قواعد تابعة لميليشيا كتائب حزب الله العراقية الموالية لإيران، ما أسفر عن مقتل 25 مقاتلا على الأقل بعد يومين من هجوم صاروخي أدى إلى مقتل أميركي في العراق.
 
وتأتي الغارات على قواعد ومخازن أسلحة تابعة لكتائب حزب الله عند الحدود العراقية السورية، بعد شهرين من تسجيل تصاعد غير مسبوق على مستوى الهجمات الصاروخية التي تستهدف مصالح أميركية في العراق.
 
الغارة الأميركية اعتبرها مراقبون رسالة تحذير لإيران، بأن الولايات المتحدة ستدافع عن المصالح الأميركية في العراق في حال ما تم تهديدها من قبل إيران أو ميليشياتها، كما يرى المحلل السياسي العراقي واثق الهاشمي.
 
وتوقع الهاشمي في حديثه مع موقع الحرة، أن إيران لن تكتفي باعتدائها على قاعدة "K1"، وإنما قد تستهدف مقرات ومصالح أميركية لاحقا، كما جاء على لسان الميليشيات من تهديدات خلال الساعات الأخيرة.
 
وكان هجوم استهدف قاعدة "K1" الجمعة، التي تحوي جنودا أميركيين في محافظة كركوك النفطية شمالي العراق، قد أسفر عن مقتل متعاقد أميركي.
 
ويرى الهاشمي أن "الغارة الأميركية تنذر بمرحلة جديدة من التصعيد في المنطقة بين الولايات المتحدة وإيران، سيكون العراق ساحتها".
 
من جانبه، علق الباحث بمركز بروكنيغز والكاتب بصحيفة نيويورك تايمز الأميركية، رانج علاء الدين، على الغارة الأميركية بتغريدة قال فيها إن "الرد الأميركي ربما نقل الصراع مع إيران إلى ما هو أبعد من الهجمات الانتقامية المتبادلة والتي شكلت معالم المواجهة في السنوات الأخيرة".
 
وأضاف الباحث أن الغارة الأميركية "ستؤدي إلى تغيير في حسابات إيران الاستراتيجية، لتسير في اتجاه شن هجمات مكثفة وعلى نطاق أوسع ضد أهداف أميركية".
وعقب الهجوم أصدر عدد من قادة الحشد الشعبي، التي تنضوي تحتها كتائب حزب الله، تهديدات باستهداف القوات الأميركية على نطاق أوسع، اعتبرها مراقبون محاولة لتجاوز جرائم هذه الميليشيات بقتل المتظاهرين خلال الأسابيع الماضية.
 
ويرى مستشار مركز العراق الجديد للبحوث والدراسات، شاهو القره داغي، إن الميليشيات تحاول استغلال القصف الأميركي لتجميل صورتها وتقديم نفسها كفصائل وطنية، رغم أن ولائها يكمن لإيران.
 
تراخي الحكومة العراقية
الغارة الأميركية اعتبرها مراقبون رسالة تحذير إلى الحكومة العراقية أيضا، مثل المحلل السياسي العراقي، رعد الحسيني، الذي قال في حديث مع موقع الحرة، إن الضربات الأميركية بمثابة تحذير لبغداد "بأن اضبطوا فصائلكم المسلحة، وأوقفوهم عن تبني الاستفزازات الإيرانية ضد المصالح الأميركية".
 
وأوضح الحسيني أن سبب وصول الأزمة الحالية إلى ما هو عليه، هو تراخي الحكومة العراقية في إعادة هيكلة الحشد وضبط المنظومة الأمنية العسكرية، وقد أدى هذا التراخي إلى "تمرد فصائل الحشد على أوامر القيادة العامة للقوات المسلحة العراقية".
 
ويرى المحلل السياسي العراقي رد فعل طهران القادم، هو ما سيوضح إن كانت وتيرة الصراع بين طهران وواشنطن ستشتعل أم لا، مضيفا أن النظام الإيراني عرف أن الولايات المتحدة "لا تتهاون مع أمنها القومي تحت كل الظروف".
 

من جانبه، يرى المحلل السياسي بمركز "أتلانتك كاونسل"، توماس واريك، أنه ورغم إجماع قادة إيران والعراق والولايات المتحدة على عدم الانجرار لحرب، فإن الأيام القليلة الماضية أوضحت كيف يمكن للتصعيد أن يبدأ"، مضيفا أن الصواريخ التي أطلقت، الجمعة ،تظهر أن الحكومة العراقية لا تستطيع التحكم في سلوك كتائب حزب الله.

وأضاف واريك أن غارات الولايات المتحدة، الأحد، تظهر أن أميركا لن تسمح لكتائب حزب الله أن تفلت دون رد عسكري، في حال ما أقدمت الأخيرة على اعتداء ضد الولايات المتحدة.

"إن هجوم الولايات المتحدة على كتائب حزب الله مهم، لكونه واحدا من أول الردود الأميركية التي تتضمن أفعالا بعد سلسلة طويلة من الاستفزاز والتهديد من جانب كتائب حزب الله، والتي قد صنفتها وزارة الخارجية كمنظمة إرهابية في عام 2009"، يوضح واريك.

وكتائب حزب الله، تعد إحدى أبرز فصائل الحشد الشعبي المدعومة من إيران والمدرجة على القائمة السوداء في الولايات المتحدة. ورغم أن تأسيس فصائل الحشد الشعبي جاء بفتوى المرجعية الشيعية في عام 2014، تحت قيادة القوات المسلحة العراقية، إلا أن كتائب حزب الله يعود تأسيسها إلى ما قبل ذلك وتحديدا في عام 2007.

وأسس الكتائب أبو مهدي المهندس، مستشار قاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني بعدما فك ارتباطه بمنظمة بدر.

وتلقى عناصر كتائب حزب الله في العراق تدريبات متقدمة، وتم تزويدهم بمعدات أكثر تطورا من الميليشيات الأخرى المدعومة من إيران وفق تقرير نشره معهد واشنطن في 2015.