تلاحق الشعب اللبناني أزمات عدّة ومن بينها أزمة السكن، ولاسيّما وأنّ أغلب الأبنية في العاصمة بيروت قديمة ومُهدّدة بالانهيار في ظلّ عدم قدرة المواطن على تصليح المبنى الذي يقطن فيه ولا حتى الانتقال إلى مسكن جديد بسبب الغلاء الفاحش وسط أزمة اقتصادية حادة تخيم على البلد.
 
صرّحت رئيسة الهيئة اللّبنانيّة للعقارات  والناشطة الحقوقية، أنديرا الزهيري، للبنان الجديد أنّ الهيئة اللبنانية للعقارات  تؤكد بشكل مستمر على ضرورة إجراء مسح  ميداني دقيق موثق في  جميع المناطق اللبناني.
 
وقالت:"لا يمكن ان نتجاهل ان معظم المباني قد شيدت قبل الثمانينات في مرحلة النزاعات والحروب التي مرت بها المنطقة وقبل  صدور مراسيم السلامة العامة ومنها من اصبحت متهالكة يصعب صيانتها  ومنها من يمكن تدعيمها وترميمها  ولا يمكن ان ننسى ان لبنان يقطع ضمن منطقة  zone 2 وهي خط زلازل وهزات  ارضية. ونعيد ونذكر ان بحسب المعايير الدولية لعمر الافتراضي للابنية هي 50  عاما اذا كانت متوافرة فيها شروط ومعاييرالسلامة العامة وكانت المواد الانشائية والمستخدمة ذات جودة عالية".
 
ولدى سؤالنا، عن معايير السلامة العامّة، عدّدت :"هيكلية البنى التحتية والهندسية للابنية  لناحية الاخلاء في حالة الحريق او لتنقل ذوي الاحتياجات الخاصة لجهة الممرات ودرج النجاة وخصوصا ان هناك قانون 220/2000 الذي ينتظر اقرار ما تبقى من مراسيمه لجهة دمج هذه الفئة المهمشة في المجتمع  اللبناني  وحمايتهم وتسهيل تنقلاتهم وسلامتهم فالخطر محدق بالجميع فكيف  اذا كان هناك فئة تجد صعوبة في التنقل ولها حق  اولا انساني وحقها كمواطن".
 
وتابعت:" احوال  الابنية  التي لا تخفى على احد ان هناك اكثر من 16 الف بناء مهدد  بالانهيار واخرى متهالكة وهناك عدة اسباب اما بسبب قدم عهده  وغياب الصيانة الدورية والاهمال والحرب اما بسبب قوانيين لم تعد تتماشى مع واقع الحال ونذكر منها  قوانيين الايجارات القديمة اما بسبب بعض القوانيين الجديدة التي تشجع على  تسوية المخالفات رغم معارضة نقابة المهندسين اما بسبب غياب الرقابة على  الابنية الجديدة التي  تغيب عنها معايير النزاهة وخصوصا لجهة استخدام مواد البناء والغش بها والتي  تتهاوى عند اول تغير في اجوال الطقس. واخرى بسبب تصنيفها  ابنية تراثية وتخضع لشروط قانون حماية التراث والتي  بطبيعة ترميمها مكلفة وباهظة الثمن نسبة لشروط ومعايير المواد المستخدمة وهي تثقل اصحابها."
 
واستطردت:"لا يمكن ان نتجاهل شبكات المياه لتلك الابنية التي  اصبحت معظمها قديمة وغير مؤهلة حيث تتشابك مع مياه الصرف الصحي ومياه الشرب وشبكات والامدادات الكهربائية التي تؤدي الى إحتكاكات ينتج عنها حرائق بالاضافة الى الامراض الناتجة عن الرطوبة والعفن المضرة بصحة شاغلي تلك الابنية."
 
ولم تنكر الزهيري في سياق المقابلة  أنّ غياب دور البلديات ووزارة الاشغال عن الاهتمام بتنظيف شبكات صرف المياة والصحي للاحياء والمناطق والطرقات  مما زاد الامر تعقيدا وخطورة على حياة الناس وعلى الاملاك الخاصة والعامة حيث دخلت السيول مياه الامطار والاتربة الابنية وانهار منها اقسام او اجزاء او كلها نذكر منها طرابلس وصيدا والناعمة وفسوح والمصيطبة".
 
وشدّدت على أنّها لم تقصد في سياق الحديث الأبنية السكنية ، بل انها تشمل  المستشفيات و المدارس والمؤسسات الرسمية والامنية والمستودعات والمصانع التي  نجدها ضمن بناء سكني مرخصة او غير مرخصة ولا تتوافر فيها معايير السلامة العامة  والتي تحتوي على مواد خطرة مشتعلة  كما  حصل   في منطقة كركرول الدروز جراء حريق لمستودع لتخزين مواد خطرة ذات اشتعال سريع حيث إستشهد عناصر من فوج الاطفاء."
 
وأعطت الزهيري مدينة بيروت كمثال قائلة:"بيروت اصبحت مجمعات متلاصقة  وتحتوي على اكثر من 24 مجمع  لاحياء فقيرة  يقطنها  حوالي 300 الف  نسمة بحسب مرجع "شبكة سلامة المباني"  عبارة عن مجمعات  السكنية وغير سكنية المتلاصقة المكتظة بالسكان والعاملين وقاصدي المؤسسات فبيروت وحدها تحتوي على اكثر من عشرة الف بناء  مهدد بالسقوط  ويشكل  خطرا على حياة الساكنين والمارين وقاصدي خدمات رسمية  او عمل" .
 
وأكّدت الزهيري أنّ الهيئة تصر على  ضرورة  تفعيل مراسيم التطبيقية لقانون 220/2000 المتعلق بذوي الاحتياجات الخاصة   ما يشكل من اهمية لسلامتهم وامانهم وسهولة تنقلاتهم وانخراطهم بالمجتمع وهذا ليس فقط على صعيد الابنية والمعايير الهندسية بل تتخطى بذلك الطرقات والممرات على الطرقات السريعة وجسر المشاة الذي لا  نجد به ممرات تسهل اصحاب ذوي الاحتياجات الخاصة الذين يعانون من صعوبات تنقل من  جهة لاخرى.
 
وتمنّت الزهيري أن  تتعاطى الجهات المعنية والمسؤولة بطريقة مهنية مع الاخذ بعين الاعتبار لبعض القوانيين التي لم تعد تتماشى مع واقع الحال  وظرف  وحال كل بناء وخصوصا القديمة منها وليكن   هناك دور توعيي وتوجيهي  على صعيد واسع لتفادي  وقوع ضحايا وللنهوض بوطن تتوافر فيه المعايير الدولية للسلامة العامة والمتحضرة".