لقد أدرك معظم الشعب اللبناني بأنَّ النظام السياسي في لبنان هو نظام طائفي ومحاصصي بامتياز، وقد برعت الطائفية واستحكمت حلقاتها برقبة السلطة وحكمت العباد والبلاد تحت مسمى الحرية والديمقراطية، وأوصلت البلد إلى الإنهيار الإقتصادي والإجتماعي بسبب الفساد المستشري في كل تلابيب الدولة بمؤسساتها الدستورية والقانونية من خلال شعار الأحزاب والطوائف والطائفية، فالذي لم يسرق الدولة وأموال الشعب من بعض الأحزاب أو الأشخاص في الدولة منذ التسعينيات وإلى اليوم وتماشى بالسكوت عن السارقين ولم ينجز أية قضية تخص الأموال المنهوبة باسترجاعها ، ولم يقدِّموا أية حماية للقمة العيش لهذا الشعب فللأقل هو نوع من المشاركة والسكوت عن الظلم، وهذا مبدأ عبَّرت عنه بعض الروايات عن الأئمة (ع)، كما ورد عن الإمام الجواد (ع) قوله: ( كفى بالمرء خيانةً أن يكون أميناً للخونة).. وبعد أن وصلت الأمور المعيشية والحياتية إلى حدٍّ لا يستطيع معظم اللبنانيين لتأمين أبسط الحاجيات والحقوق، خرج هذا الشعب منتفضاً على هذه الطبقة الحاكمة من رأسها إلى أخمصها، ورفعت شعارات محقة من إلغاء نظام الطائفي والمحاصصة الطائفية والحزبية، وطالبت باسترجاع الحقوق المنهوبة، وأدرك هذا الشعب بأنه لا طائفية ولا حزبية في الوزارة وحتى في الرئاسة الأولى والثانية والثالثة، وهذا ما يكفله الدستور اللبناني في مقدمته المستحدثة بتاريخ: 21/ 9/ 1990م/ في فقرة (ج) ما نصها: ( لبنان جمهورية ديموقراطية برلمانية،تقوم على احترام الحريات العامة، وفي طليعتها حرية الرأي والمعتقد، وعلى العدالة الإجتماعية والمساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين دون تمايز أو تفضيل)..

إذاً هناك الجنسية والمواطنية، بالإضافة إلى ضمان الحريات الأساسية والحقوق والواجبات والحرمات التي تكفلها الدساتير في الدول الديموقراطية، وأنَّ الشعب هو مصدر السلطات وصاحب السيادة، ولبنان دولة جمهورية ديموقراطية برلمانية.

نعم لقد حققت ثورة 17 تشرين حضوراً يشكل ضغطاً على السلطة كافة، وفرضت معادلة جديدة وجدية في اللعبة السياسية، هنا استقالت الحكومة برئاسة دولة الرئيس سعد الحريري تحت ضغط الشارع اللبناني، وتماشياً مع مطالبها وحقوقها، اعتقد أنَّ هذا الموقف يُقدَّر للشيخ سعد، ولست بصدد الدفاع عنه طالما كان شريكاً من ذي قبل مع تلك الأحزاب والسلطة، إلاَّ أنه ينبغي على الثورة أن تحترم هذا الموقف، وتكمل شعارها لإسقاط نظام المحاصصة في الرئاستين الأولى والثانية، حتى نعيش معنى النظام الديموقراطي المكفول في الفقرة (ج) من مقدمة الدستور، حبذا لو أقدم الأخ الرئيس نبيه بري حامي الدستور على حل هذا المجلس والبحث عن نظامٍ انتخابي عادل، يضمن حرية الفرد، ويقطف الشعب ثمار الحقوق والواجبات، لكن بالتأكيد الرئيس نبيه بري هو أدرى بالمصالح والمفاسد لهذا البلد..

نعم من حق الطوائف أن تضمن حقوقها من الإجحاف والمحاباة والمداراة السياسية، ولكن هذا الخوف يمكن القضاء عليه إذا تماشينا مع الشعار الذي رفعه الشارع اللبناني، لأنَّ الحقوق تُحفظ بالعدل والمساواة بين جميع اللبنانيين، وحينئذٍ لا فضل لقريب على بعيد إلاَّ بالكفاءة، هذا ما يصبو إليه كل فرد في هذا البلد...