تخيّم على لبنان أزمة اقتصادية قاسية لم تمرّ على البلد حتى خلال الحرب الاهلية التي استمرّت 15 عامًا، إذ تبلورت الأزمة مع  تهافت المودعين إلى المصارف ممّا دفع بالمصارف إلى وضع قيود على السحوبات والتحويلات.
وأعرب رئيس المعهد اللبناني لدراسات السوق الدكتور باتريك مارديني، عن خشيته من القيود الموضوعة على السحوبات لافتًا إلى أنّ لبنان يعيش على التمويل من الخارج وهذه السياسة  تقضي على قدرة لبنان من جذب التحويلات من الخارج.
وقال للبنان الجديد:" الدين العام في لبنان يبلغ 85 مليار دولار، والمصارف اللبنانية تحمل 31 مليار دولار من سندات الخزينة اي ان المصارف اللبنانية تُديّن الدولة بـِ 31 مليار دولار من اصل 85 مليار دولار ومصرف لبنان مُديّن الدولة بـِ 40 مليار دولار".
وأوضح أنّ المصارف اللبنانية تُديّن الدولة مباشرة او عبر مصرف لبنان، و71 مليار دولار من دين الدولة من المصارف هو من أموال المودعين". 
وتابع:" لاشكّ أنّ الدولة لديها مصاريف موظفين ومشاريع كهرباء وسدود وتعليم وجيش وطبابة وهذا الأمر بديهي لكن المشكلة تقع عندما  تعجز الدولة عن تسديد دينها".
واستطرد ماريديني:" عندما شعر المودع ان الدولة غير قادرة على اعادة دينها للمصارف من خلال عدم استطاعتها تخفيض العجز ذهب ليسحب ودائعه". ولفت إلى أنّ 75 في المئة من الودائع هي بالدولار في لبنان. 
وهذا يعني ان الدولة اذا قامت بال haircut ستخسر المصارف اللبنانية اصولها. فالمصارف اللبنانية تحمل 36 في المئة تقريبا من الدين العام ومصرف لبنان يحمل 47 في المئة، اي ما مجموعه 83 في المئة. وبما ان هذه القروض تمول بمعظمها من الودائع، فان الـ haircut على حاملي الدين العام قد تترجمه المصارف ب haircut على اموال المودعين".  
 
ونبّه مارديني في سياق حديثه من خطورة هذا الإجراء ، ولاسيما انه يجري الحديث اليوم عن اقتطاع نسبة من الودائع (haircut) لعدد من أغنياء البلاد. ولكن الدول التي اعتمدت هذا المنهاج مثل الأرجنتين وغيرها ادعت في بادء الأمر أن الHaircut  ستنحصر بالأغنياء لكنها عادت واقتطعت من أموال الجميع. وهذه الإجراءات تزيد من قلق اللبنانيين ومن تهافتهم على المصارف لسحب ودائعهم.
 
ويشهد لبنان أزمة شح في الدولار دفعت وكالة "موديز" إلى خفض تصنيف لبنان من Caa1 إلى Caa2 ووضعه قيد المراقبة لمزيد من الخفض في الأشهر الثلاثة المقبلة. وأمس، خفضت الوكالة التصنيف الائتماني لأكبر ثلاثة مصارف في البلاد- من حيث الأصول- إلى مستويات أعلى للمخاطر.