هل يستطيع الدكتور دياب تأليف حكومة تلبي التطلعات؟
 

أثار تصريح رئيس الحكومة المُكلّف الدكتور حسان دياب إعجاب ودهشة اللبنانيين، عندما قال غداة تكليفه بتأليف الحكومة الجديدة بأنّها ستكون حكومة مستقلّين اختصاصيين، وأنّه الوحيد المُخوّل تأليف الحكومة، ولم يهتدِ أحدٌ حتى الآن عن سرّ هذه الجرأة المُفاجئة، وكيف تيسّر للأكاديمي "الخجول" شربَ حليب السباع بهذه السرعة، فالمعروف أنّ الثنائي الشيعي الذي أتى به إلى سدة الحكم، لن يرضى بالتنازل عن مواقع أساسية في السلطة التنفيذية، لعلّ في مقدمتها وزارة المالية "المُسجّلة" حصراً باسم رئيس المجلس النيابي منذ فترة طويلة، كما أنّ حزب الله لن يتخلى بهذه السهولة عن موقع وزارة الصحة، وحُجّته في ذلك ستكون مُقنعة(لدى الرئيس المُكلف وآخرين)، لأنّ الوزارة كانت وما زالت في عهدة طبيب اختصاصي، فلا مانع من بقائها في يده، وهذا قد يفتح شهية الصهر الوزير جبران باسيل ببذل النفس أمام وزارة الطاقة، فضلاً عن أنّ زحزحتهُ عن وزارة الخارجية، ستكون مُهمة شاقّة جدّاً على الرئيس المُكلف، هذا إذا وضعنا جانباً طلبات بعض الكتل السياسية التي صوّتت لصالح دياب، ككُتلة الوزير فرنجية، وكتلة الحزب القومي الاجتماعي، وكتلة اللقاء التشاوري التي أمّنت له الحدّ الأدنى من "الميثاقية" السُّنيّة.

 

إلاّ أنّ أبرز لغمٍ في طريق تأليف الحكومة الجديدة ستبقى الانتفاضة الشعبية، الانتفاضة التي يتبارى أهل السلطة بالتبرع لها بمقاعد وزارية، علّها تدخل حضيرة السلطة ليسهُل تدجينها، إلاّ أنّ إصرار الثوار بغالبيتهم الساحقة، ما زال قائماً على اجتناب إثم المشاركة مع أركان هذه السلطة، ممّا يزيد من مصاعب وهموم التأليف الحكومي.

 

إقرأ أيضًا: مائة نائب يصطفون خلف زعمائهم بمُشاورات وهمية.

 


يبدو أنّ الدكتور دياب بحاجة لكاسحة ألغام، أو أكثر، لتمهيد الطريق المحفوفة بالمخاطر قبل تمكُّنه من تأليف حكومة إنقاذية حيادية من أصحاب الكفاءات الوطنية والتكنوقراطية، ليستطيع بعد نجاحها من طبع مُجلّدين أو أكثر عن إنجازاته المُرتقبة خلال تولّيه الموقع الأهمّ في تركيبة السلطة السياسية اللبنانية. 

 


عن المعلم الأول أرسطو: العاقلُ يوافق العاقل، والجاهل لا يوافق العاقل ولا الجاهل، مثالُهُ المستقيم الذي ينطبق على المستقيم مثله، والمُعوجّ فإنّه لا ينطبق على المستقيم، ولا على مُعوجٍّ آخر.