مئة نائب خرجوا من جحورهم لاستشارات وهمية لا ترضي إلا زعماءهم
 

أكثر من مائة نائب في البرلمان اللبناني، يقبضون رواتب عالية، ويتمتّعون بامتيازاتٍ عدّة، لا يُشرّعون سوى حفنة من القوانين التي تنام في أقبية الوزارات دون مراسيم تطبيقيّة، ودون تنفيذ، يُمرّرون موازنات الهدر والصفقات ونهب المال العام، يصطفون كالنِعاج خلف سبعة أو ثمانية زعماء طوائف وقبائل وأحزاب مُتشابكة ومُتآلفة بشكلٍ غريب ومُريب، يُفترض بهم أن يُمثّلوا الشعب اللبناني(الذي يُفاخر صبح -مساء بثقافته وتمدّنه ورُقيّه)، فإذا بهم لا يُمثّلون سوى مصالح زعمائهم، ينتفض الشعب اللبناني لحوالي سبعين يوماً، فلا يجد بين نُوابه وليّاً ولا نصيرا، ولا يسمع لهم صوتاً ولا حسيسا، حتى إذا ما هبّت رياح التسويات والمساومات والتّلاعبات الإقليمية والدولية، قاموا لنداء الواجب، وهرولوا خلف زعمائهم وقادتهم، ليُعيّنوا رئيس وزراء مُكلّف حسب "تعليمة" الزعيم، طوال سبعين يوماً لم يرَ اللبنانيون نائباً واحداً في ساحة نضال، أو موقف تعاضد مع هذا الشعب الصابر، وإذ بهم في طرفة عينٍ واحدة يخرجون من جحورهم، بسياراتهم الفارهة، وبدلاتهم باهظة الثمن، وأحذيتهم الأنيقة، وضحكاتهم الصفراء، يخرجون من وراء الستار الإسمنتي الذي أقاموه سدّاً بينهم وبين هذا  الشعب الغافل، ليضحكوا علينا باستشاراتٍ وهمية، ومُشاوراتٍ سخيفة ومُذلّة، بانتظار المساومات والمحاصصات وتوزيع المغانم، إلاّ ما رحِم ربُّك.

اقرا ايضا : من إبداعات دياب..هجرة الفلسطينيين من دولة إسرائيل عام ٤٨


أكثر من مائة نائب، لو عند واحدهم ذرّةَ كرامة وعزّة، أو ذرّة وطنية لاستقالوا وأعادوا الأمانة إلى أصحابها، وسهّلوا إجراء انتخابات نيابية مبكرة، تُنقذ هذا الشعب من الأزمات والمهاوي، التي ألقتهُ بها هذه الطبقة الفاسدة من زعماء القبائل والطوائف.
قيل لمجنونٍ بالبصرة: عُدَّ لنا مجانين البصرة، فقال: كلّفتموني شططا، أنا على عدّ عُقلائِهم أقدر.