بعد ثمان سنوات على التدخل ضد السكري نظام العقيد معمر القذافي، يبدو مسلسل السلام متعثرا في ليبيا، بل إن البلد بدأ يتحول إلى ما يشبه النسخة السورية للمغرب العربي، حسب صحيفة لوفيغارو.
 
الصحيفة تحدثت عن لبننة وبلقنة وانقسام هذا البلد، مؤكدة أن هذا التشرذم أسال لعاب قوى من المنطقة ومن القارات الأخرى، فأطفقت "تراقب من الأعلى كالنسور مصالحها الجيوسياسية أو الدبلوماسية أو الاقتصادية أو المالية، محولة بذلك النزاع الليبي إلى كومة من الحروب بالوكالة".
 
ولإبراز التشابه بين الحالتين السورية والليبية، ذكرت كاتبة التقرير إيزابيل لاسير أولا بما آل إليه الوضع في سوريا بعد ثماني سنوات من اندلاع ثورتها.
 
وقالت الكاتبة إن سوريا تحولت مسرحا لحرب من عدة طوابق، فالتحالف الدولي يقصف تنظيم الدولة الإسلامية، والمعارضة السورية تقاتل قوات النظام السوري، وإسرائيل تراقب وتقصف قواعد في هذا البلد تابعة لعدوها الرئيسي في المنطقة إيران وحزب الله اللبناني المؤيد لها، كما أن تركيا تقاتل القوات الكردية في شمال سوريا.
 
أما روسيا، فإن الكاتبة شددت على أنها لم تقبل إطلاقا هزيمتها في الحرب الباردة، ولذلك فقد استغلت الساحة السورية للانتقام من الولايات المتحدة واستعادة مكانتها كقوة عظمى.
 
 
وكما هي حال سوريا، اندلعت المواجهات بين الثوار الليبيين ونظام القذافي في العام 2011 ثم تحولت إلى تمرد، تلاه تدخل عسكري من أميركا وفرنسا وبريطانيا، أسقط على أثره القذافي، وبعد ثمان سنوات ها هو البلد مقسم بين حكومة وحدة وطنية تشكلت بإشراف من الأمم المتحدة يرأسها فائز السراج، وتمرد يقوده الجنرال المتقاعد خليفة حفتر.
 
ويحظى كل من الطرفين بتأييد من بعض الدول والجهات الأخرى، فحفتر مدعوم اقتصاديا وعسكريا من طرف الإمارات ومصر والأردن والسعودية، هذا بالإضافة لاعتماده على مرتزقة من شركة فاغنر الروسية المقربة من الرئيس فلادمير بوتين، ومقاتلين من تشاد والسودان وبعض المجموعات المحلية.
 
أما السراج -تقول الصحيفة- فإنه يحظى بدعم قطري تركي، بل إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ذهب، بعد توقيع اتفاقية رسم الحدود البحرية بين تركيا وليبيا، إلى حد التعبير عن استعداد تركيا للتدخل عسكريا لصالح الحكومة الليبية المعترف بها دوليا إذا طلبت ذلك من تركيا.
 
وهنا تنبه الكاتبة إلى أنه في عالم يمر باضطرابات جيوسياسية، أصبح الشرق الأوسط مسرحا لجميع عمليات تسوية الحسابات، مشيرة إلى أن الشيء الوحيد الذي لا يمكن التشكيك فيه هو إنهاء الحروب التي تكون بالوكالة والتي تستخدمها القوى الأجنبية لخدمة مصالحها أصعب من إنهاء الحروب الأخرى التي تكون بين طرفين متمايزين.