بدأ مسلسل صرف الموظفين في القطاع المصرفي مع البنك اللبناني للتجارة الذي قام بتسريح حوالى 40 موظفاً في تشرين الاول الماضي، لتكرّ سبحة الصرف الجماعي، بالتماهي مع موجة خفض رواتب ومخصصات.
 

يعمد أحد المصارف الى استدعاء موظفين لديه والطلب منهم التوقيع على استقالاتهم مقابل تعويضات مالية، وقد نجح بالفعل في إقناع وصرف عدد منهم في حين رفع آخرون دعاوى واحتموا بوزارة العمل وبعقد العمل الجماعي الموقع حديثاً بين جمعية المصارف واتحاد موظفي المصارف.

 

في المقلب الآخر، لجأ عدد من المصارف اللبنانية مؤخراً الى خفض رواتب موظفيه بنسبة حوالى 20 في المئة، تماشياً مع تقليص دوام عملهم وذلك منذ شهر تشرين الثاني في جزء من المصارف، في حين عَمّم جزء آخر على موظفيه انّ الاقتطاع من الرواتب سيسري اعتباراً من 1-1-2020، بالاضافة الى انّ بعض إدارات المصارف لوّح بأنه يعتزم صرف عدد من الموظفين مطلع العام المقبل.

 

وطلبت إدارات الموارد البشرية من الموظفين التوقيع على كتب يوافقون ضمنها على إجراء خفض الرواتب الى حين تقرر الادارة العامة إعادة دوام العمل الى ما كان عليه في السابق.

 

وعمدت الادارات أيضاً الى اقتطاع نسبة كبيرة من المخصصات التي يتقاضاها موظفو المصارف، والتي كانت تُترجم بزيادة مالية على رواتبهم الاساسية. علماً انّ مخصصات الفئات العليا من موظفي المصارف لم يتم المسّ بها، بل طالت صغار الموظفين الذين يبلغ معدل راتبهم الشهري المليون ليرة لبنانية.

 

وبعد أن تدنّت قيمة رواتب موظفي القطاع المصرفي كغيرها من الرواتب المحررة بالليرة اللبنانية، بنسبة حوالى 30 في المئة وذلك نتيجة تراجع سعر صرف الليرة اللبنانية في السوق غير الرسمية، جاء اقتطاع ادارات المصارف من رواتب الموظفين ليزيد الطين بلّة ويفاقم حدّة تراجع القدرة الشرائية لدى موظفي هذا القطاع.

 

بالاضافة الى ذلك، فرضت المصارف ضوابط رأسمال أكثر تشدداً على موظفيها في ما يتعلّق بعمليات السحب النقدي، وحددت لهم سقوفاً أدنى من تلك المسموحة للمودعين الآخرين، ليصل الحدّ الاقصى للسحب في بعض المصارف الى 200 دولار خلال فترة أسبوعين.

 

إتحاد موظفي المصارف

 

في هذا الاطار، شرح رئيس اتحاد موظفي المصارف ​جورج الحاج​ لـ«الجمهورية» أنّ عدداً من المصارف «خلال أيام الخير» مَدّد دوام عمل موظفيه من الساعة الثانية الى الساعة الخامسة في مقابل سيناريوهين: الاول، من خلال دفع بدل غذاء بقيمة 25 ألف ليرة وليس عبر احتساب قيمة الساعات الاضافية (overtime). والثاني، من خلال إعطاء بدل غذاء وزيادة بنسبة 27 في المئة على الراتب الشهري.

 

وقال: كانت إدارات المصارف واضحة مع موظفيها آنذاك، بأنّ هذه الزيادة مُنحت في مقابل زيادة دوام العمل.

 

وأشار الحاج الى انّ المصارف اليوم، جرّاء الظروف الراهنة، تقوم بإعادة خفض دوام العمل وتخفيض الرواتب الى المستويات التي كانت عليها سابقاً. موضحاً انه من الناحية القانونية، في حال كان الموظف قد وقّع كتاباً صادراً عن ادارة المصرف يفيد بأنه تقاضى زيادة على راتبه الشهري نتيجة زيادة دوام العمل، لا يمكن اليوم الاعتراض على إعادة خفض راتبه لأنّ تلك الزيادة لا تُعتبر حقاً مكتسباً.

 

في المقابل، في حال لم يوقّع الموظف أيّ كتاب يبرّر الزيادة المالية التي تقاضاها، يمكنه بالتالي الاعتراض عبر القانون على خفض راتبه، «وسيقف اتحاد موظفي المصارف الى جانبه في هذا الاطار»، وفقاً لحاج الذي أكد انّ الاتحاد ضدّ الصرف والمسّ بالحقوق المكتسبة للموظفين وبعقد العمل الجماعي.

وشدد على انّ الاتحاد يرفض ان تتعامل المصارف مع الموظفين خارج سقف القانون، «وبالتالي فإنّ الطلب من الموظفين توقيع استقالاتهم مقابل تعويض مالي، هو إجراء غير قانوني سنتصدّى له».

 

عقد العمل الجماعي

 

من جهة أخرى، وحول عقد العمل الجماعي الذي تم توقيعه مؤخراً بين جمعية المصارف واتحاد موظفي المصارف والمنتهية مدّته منذ بداية العام 2018، أوضح الحاج انّ وساطة وزارة العمل برئاسة الوزير كميل أبوسليمان نجحت بالتوصّل الى اتفاق بين الطرفين حول 2 من النقاط الثلاث التي كان الاتحاد يطالب بها:

 

- تم التوصّل الى اتفاق على رفع قيمة المنح الجامعية من 6 الى 7 ملايين ليرة، بعد ان كان الاتحاد يطالب بـ10 ملايين ليرة. كما تم رفع المنح المدرسية من 4 الى 4,5 ملايين ليرة في حين طالب الاتحاد بـ6 ملايين.

- في ما يتعلّق بالرتب والرواتب، تمّ التوافق على تقسيم الموظفين الى 3 فئات لضمان عدم استحواذ كبار الموظفين على النسبة الاكبر من الزيادة السنوية. وسيتمّ احتساب الزيادة السنوية المحددة بـ3 في المئة من مجموع رواتب الموظفين على اساس تلك الفئات.

- في موضوع الراتب التقاعدي، تم الاتفاق على اعداد دراسة من قبل اتحاد موظفي المصارف وفقاً للمعلومات التي ستوفرها جمعية المصارف، التي اعتبرت نفسها غير معنيّة بهذا الموضوع في الوقت الحالي.

وأمل الحاج الحفاظ على الوظائف في الظروف الراهنة التي يمرّ بها القطاع المصرفي، الذي يعتبر في قلب العاصفة.