بعد شهرين على الثورة هل يتورط الرئيس المكلف في الأزمة ؟
 

بعد ثورة شعبية لم يشهد لها لبنان مثيلاً في تاريخه الذي قارب المائة عام، واستقالة الرئيس سعد الحريري تحت ضغط الشارع، وبقاء البلد بلا حكومة لأكثر من شهرٍ ونصف الشهر، وعدم الاستجابة لمطالب الثوار برحيل رموز السلطة ومحاسبتهم على ما اقترفوه من فسادٍ وفجور، وبدل العمل الجادّ لتأليف حكومة إنقاذية حيادية من أصحاب الكفاءات الوطنية والتكنوقراطية، إذ بأركان النظام يُغرقون البلد في مُناوراتٍ ومناوشات وطروحاتٍ مُتبادلة ومتناقضة بين شطري "السلطة": الرئيس سعد الحريري في جانب، وجبران باسيل والثنائي الشيعي في الجانب الآخر، الحريري يريد حكومة تكنوقراطية، أعضائها مستقلون عن أهل الحكم والسلطة، بالمقابل يُصرّ الوزير جبران باسيل، صاحب التيار الوطني الحر مع الثنائي الشيعي على عدم  مغادرة مقاعد السلطة المُريحة والدّسمة،  فضلاً عن عدم ترك الساحة خالية للرئيس الحريري، يسرح ويمرح فيها خدمةً لأسياده "الاميركان"، كما يحلو لخصومه تصويره.


للأسف الشديد، انتهى الاشتباك على مزيدٍ من البلبلة والفتن الداخلية والارتباك السلطوي والشعبي في آنٍ واحد، ومزيدٍ من تدهور الأوضاع الاقتصادية والمالية والسياسية والمعيشية والحياتية للمواطنين، وبعد لأيٍ ومخاضٍ عسير، وصداماتٍ مؤسفة بين الانتفاضة الشعبية ومُناوئيها، واضطرار الرئيس سعد الحريري للخروج من حلبة السباق على رئاسة الحكومة، إذ بالتيار الوطني الحر مع الثنائي الشيعي يُخرج من جعبته مُرشّحاً مغموراً، هو السيد حسّان دياب، ليرأس حكومة اللون الواحد بتمويهاتٍ عدّة، رئيس حكومة سيكون، هذا لو قُيّض له أن يؤلّف حكومة في هذه الظروف الصعبة، من أضعف رؤساء الحكومات الذين تعاقبوا على شغل هذا الموقع الهام، ولن يكون أكثر من صنيعةٍ بين أيدي من اختاروه ليُنفّذ أجنداتٍ إقليمية ودولية مشبوهة، ليته كان يمتلك بعض صفات وخِصال رؤساء حكومات الخمسينات والستينات والسبعينات من القرن الماضي، عندما كان المُرشح لهذا المنصب ينتظر أمام جهاز التلفون، ليتلقى استدعاءً من القصر الجمهوري، فكان يتوجّه بعزّةٍ وكرامة مصحوباً بثقة طائفته وثقة اللبنانيين أجمعين.


ما هكذا تورد الإبل يا سيد دياب، سارع للفظ كرة النار التي قُذفت بين يديك ممّن لا يُشفقون ولا يرحمون، قال عبدالله بن عبدالله بن طاهر:
ألم ترَ أنّ الدهر يهدمُ ما بنى
ويأخذ ما أعطى ويفسد ما أسدى
فمن سرّهُ ألاّ يرى ما يسوؤهُ
فلا يتّخذ شيئاً يخافُ له فَقْدا.