هل يعيدنا زمن التقشّف الى الشمعة؟ هذا ما يمكن استخلاصه من بيان التدابير الاحترازية الذي أصدرته مؤخراً مؤسسة كهرباء لبنان، والذي أعلنت فيه عن اعتمادها برنامج تغذية خاص للحفاظ على أكبر قدر ممكن من الاستقرار في التيار الكهربائي لأطول فترة ممكنة، على ان يتوافق هذا البرنامج مع المساهمة المحددة لها من قبل الدولة اللبنانية للعام 2019 واستناداً إلى أسعار النفط الحالية.
 

يقضي هذا البرنامج بوضع حوالى 1500 ميغاوات على الشبكة بصورة مستمرة حتى نهاية العام الحالي 2019، والذي يترجم فعلياً بتراجع ساعات التغذية من 12 ساعة يومياً الى حوالى 8 ساعات ونصف الساعة يومياً، باستثناء بيروت الادارية التي تستفيد من برنامج تغذية خاص.

 

وتؤكد مصادر في مؤسسة كهرباء لبنان لـ«الجمهورية» انه وفق برنامج التغذية المعتمد حالياً، والذي خفّض ساعات التغذية الى 8 ساعات ونصف الساعة، من المتوقّع ان يبقى جزء من الاموال المرصودة للمؤسسة لهذا العام لتغطية الانتاج حتى نهاية شهر كانون الثاني 2020. لكنّ المشكلة أو ما وصفته المصادر بـ«الكارثة» والصعب جداً هو ما ينتظرنا في العام 2020، بعدما رصد مشروع موازنة 2020 مساهمة محددة بـ 1500 مليار ليرة لبنانية لمؤسسة كهرباء لبنان، والذي من شأنه ان يفسّر فعلياً بـ8 ساعات تغذية يومياً طوال العام، الّا انّ الأزمة ستستفحل في الصيف مع ارتفاع الطلب على الكهرباء بسبب الحاجة للتبريد، وبالتالي ستتراجع ساعات التغذية في الصيف لأقل من 8 ساعات اذا بقيت الاوضاع على ما هي عليه، وإذا حافظ برميل النفط عالمياً على سعره.

 

السيناريو الأسوأ

 

لا شك انّ السيناريو الكهربائي المنتظر للصيف المقبل سيئ، إنما الأكيد انّ هناك سيناريو أسوأ، والأسوأ انه غير مستبعد.

 

فتخصيص 1500 مليار ليرة من موازنة 2020 لمؤسسة كهرباء لبنان جاء في الاعداد الاول لموازنة 2020، أي قبل تَسارع الاحداث اعتباراً من 17 تشرين الاول، والتي أدّت التدابير والضوابط المصرفية المعتمدة ومنع التحويلات الى الخارج الى تراجع ايرادات الدولة بنحو ملحوظ. إذ وبحسب رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان، تبيّن إثر مراجعة أرقام موازنة 2020 انّ النقص تجاوز الـ30 في المئة عن الايرادات التي كانت ملحوظة، ما يوازي الـ4 مليارات دولار، واعتبر انّ هذا الوضع يتطلب معالجة استثنائية لا عادية، بما يعني إعادة النظر في توزيع واردات الخزينة بما قد يعني تقليص حصة الكهرباء.

 

وبالتالي، اذا ما كنّا امام خفض جديد لموازنة الكهرباء فهذا يعني انّ المصيبة ستكون أكبر، وسنكون أمام تعويم جديد لدور اصحاب المولدات، الّا انّ الفقر المتوقع ان يتزايد في الفترة المقبلة الى جانب تراجع القدرة الشرائية مع ارتفاع أعداد البطالة، يعني انّ العودة الى الشمعة باتت وشيكة كمؤشّر جديد الى تغيير نمط حياة المواطن وعودته اكثر من 30 سنة الى الوراء. من دون ان ننسى أنّ رصد 1500 مليار ليرة لمؤسسة الكهرباء تمّ على اساس أنّ سعر برميل النفط كان 65 دولاراً، وبالتالي انّ اي ارتفاع في اسعار النفط سينعكس مضاعفاً على الاوضاع الاقتصادية عموماً وعلى التغذية بالتيار الكهربائي خصوصاً.

 

رسوم الاشتراك

 

من جهة أخرى، ذكّرت مؤسسة كهرباء لبنان أنّ تخفيض رسوم الاشتراك بالتيار الكهربائي بنسبة حوالى 75 في المئة للقدرات المكتتبة 15 و20 أمبير مستمر لغاية يوم الاثنين الواقع فيه 30/12/2019 ضمناً، في جميع دوائرها المنتشرة على الأراضي اللبنانية كافة، حيث ستعود هذه الرسوم الى قيمتها الأساسية بعد هذا التاريخ.