بدأت حظوظ رئيس الوزراء اللبناني المستقيل سعد الحريري في تكليفه بتأليف الحكومة الجديدة تتراجع في ظل لغة الشارع الرافضة لإعادة تكليفه وهو ما يفسر عرض أسماء بديلة. كما أن امتناع كتلة حزب القوات اللبنانية عن تسمية الحريري لهذه المهمة، أعطى إشارات داخلية وخارجية حول عدم الرغبة في وجوده في هذا المنصب.
 
وأعيد الحديث عن أسماء بديلة مثل النائب فؤاد المخزومي والوزير الأسبق خالد قباني وسفير لبنان السابق في الأمم المتحدة نواف سلام. واعتبر سلام من الشخصيات المقبولة من الحراك والمقربة من الحريري على السواء، فيما لا يحبذ حزب الله القبول به بسبب مواقفه في نيويورك وبسبب ما قيل إنه تأييد أميركي لترشيحه.
 
وكان النائب ميشال معوض قد أشار الثلاثاء إلى احتمالية اختيار نواف سلام مؤكداً أنها “ليست تهمة أن يكون اسم نواف سلام مقبولاً من الشارع أو أن تكون لديه علاقات دولية”، منوها بأن “الحريري قد سمّاه لكن حزب الله رفضه”.
 

وقال مراقبون إن استمرار الصدامات التي تشهدها العاصمة كما الهجمات التي تعرضت لها ساحات الاعتصام في وسط بيروت كما في النبطية وبعلبك ومدن لبنانية أخرى، تؤشر إلى أن قرارا اتخذه حزب الله وحركة أمل، بتسخين الوضع الأمني، بغية ممارسة أقصى الضغوط على الطبقة السياسية، للسير بالصيغة الحكومية التكنوسياسية التي يتمسك بها رئيس الجمهورية، ميشال عون، والتي عبر عن القبول بها أمين عام حزب الله حسن نصرالله.

ورأت أوساط سياسية أن اشتعال الشارع بحجة الرد على فيديو مثير للفتنة كان صاحبه قد نشره قبل تسعة أشهر، يكشف عن أجندة خبيثة هدفها نبش مسوّغات لتسعير الفتنة السنية الشيعية، والفتنة المسيحية الإسلامية، لسحب البساط من تحت أقدام الحراك المدني المطالب بإقصاء كامل الطبقة السياسية عن الحكومة المقبلة.

يضاف إلى ذلك تركيز شعارات المظاهرات، لاسيما تلك التي توجهت إلى مقر سعد الحريري، في “بيت الوسط”، على رفض عودته إلى رئاسة الحكومة والمطالبة بتشكيل حكومة خبراء ترأسها شخصية مقبولة من الحراك.

وعلى الرغم من عدم وجود معلومات دقيقة حول موقف العواصم الكبرى من هذا الاستحقاق، إلا أن مراقبين ربطوا بين موقف حزب القوات اللبنانية المفاجئ بشأن عدم تسمية الحريري، خصوصا وأن معلومات كانت قالت إن النائب ستريدا جعجع كانت أكدت في اتصال مع الزعيم الدرزي وليد جنبلاط عزم القوات تسمية الحريري.

لكن القرار بغير ذلك فاجأ الجميع بالنظر إلى علاقة زعيم القوات سمير جعجع التي توصف بالممتازة بالرياض، وسط تساؤلات عما إذا كان موقف القوات يعبّر عن عدم رغبة لدى السعودية بعودة الحريري إلى منصبه.

وينتظر المراقبون الموقف الذي سيتخذه الحريري قبل يوم الاستشارات الخميس، وهو يكثف مشاوراته الداخلية والخارجية للاطلاع على الأجواء الداعمة والرافضة لتكليفه بتشكيل الحكومة المقبلة.

وقالت معلومات بعد لقاء الحريري مع رئيس مجلس النواب نبيه بري في مقرّه بمنطقة “عين التينة” إنّه لا مرشّح لرئاسة الحكومة حتى الساعة غير الحريري والاستشارات في موعدها.

ودعا الحريري ورئيس مجلس النواب نبيه بري، عقب اللقاء، إلى الإسراع بتشكيل الحكومة، وحذّرا من الفتنة والتشنج السياسي.

وتدور السيناريوهات حول إمكانية عدم مشاركة نواب تيار المستقبل في الاستشارات بما يؤدي إلى تأجيلها لافتقادها إلى الميثاقية.


ويتحدث احتمال آخر عن إمكانية قبول الحريري بالتكليف حتى بأغلبية ضئيلة، على أن يقدم لاحقا للرئيس عون حكومة التكنوقراط التي يريدها ويترك لرئيس الجمهورية تقرير مصيرها.

وترجّح فرضية ثالثة ذهاب الحريري إلى رفض الترشح نهائيا لهذا المنصب وتزكية اسم بديل.

ولم تستبعد مصادر دبلوماسية أن يكون جانب كبير من حالة الفوضى الميدانية والسياسية التي شهدتها البلاد خلال الأيام الماضية على علاقة بالزيارة التي سيقوم بها مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد هيل إلى بيروت، حيث يود كافة الفرقاء إظهار تموضع ما من شأنه التأثير على قرارات واشنطن اللاحقة بشأن لبنان.

وتضيف المصادر أن عواصم الخارج تشعر بالقلق الجدي حيال تأزم الوضع في لبنان وتخشى انجرار البلد إلى حرب أهلية يترافق مع انهيار مالي واسع.

ونقل المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيش إلى كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري ووزير الخارجية جبران باسيل تحذيرا يتعلق بالمخاطر من انزلاق الوضع إلى العنف في ضوء ما وصفه بـ”الاستخدام المفرط للقوة من قبل القوى الأمنية”، ويتعلق أيضا بالتأجيل الجديد للاستشارات النيابية.

وجدد كوبتيش الرسالة الأممية بأن تأخير تكليف شخصية تعمل بسرعة لتأليف حكومة ذات صدقية، وتعمل للإنقاذ الاقتصادي السريع هو منتهى الخطورة. ووصف مراقبون ما نقله المنسق الأممي بأنه إنذار دولي للدفع باتجاه تشكيل حكومة بأسرع السبل.