قد يؤدي التعرض لبعض الضغوط في سن مبكرة إلى التمتع بحياة أطول، وفقا لنتائج الأبحاث التي أُجريت حول أحد أنواع الديدان الأسطوانية، وهي الربداء الرشيقة.
 
ففي تقرير نشر بموقع "جينتيك إنجنيرنغ آند بيوتكنولوجي" تناول دراسة حديثة أجراها علماء من جامعة ميشيغان، أظهرت أن الإجهاد التأكسدي الذي نتعرض له في وقت مبكر من الحياة يزيد من قدرتنا على مقاومة الإجهاد في فترات قادمة من الحياة، وفقا لما أوردته دافني بازوبولو الحاصلة على الدكتوراه والباحثة الأولى في الدراسة المنشورة بدورية نيتشر.
 
الوراثة والبيئة وعوامل أخرى
نقل الموقع عن أورسولا جاكوب الباحث المراسل بالدراسة وأستاذ البيولوجيا الجزيئية، قوله "نظرا للعلاقة المتينة بين الإجهاد والشيخوخة والأمراض المرتبطة بالتقدم في السن، من الممكن أن تؤثر الأحداث المبكرة في الحياة أيضا على استعدادنا للأمراض المرتبطة بالسن، على غرار الخَرف ومرض ألزهايمر".  
 
فبحسب الباحثين فإن "التقديرات تشير إلى أن الآثار الجينية على الاختلافات الملحوظة في عمر الإنسان لا تتراوح سوى بين 10 و25% فقط ". كما تمثل البيئة عاملا مؤثرا آخر، ومع ذلك لا يكتمل حلّ اللغز.
 
وذكر الموقع أن العوامل الأخرى قد تكون واضحة في حالة الربداء الرشيقة، حيث إن هذه الديدان المستديرة التي لا تعيش فترة طويلة هي نظام نموذجي شهير للبحث في الشيخوخة، ويعود ذلك جزئيا إلى أن كل دودة ثنائية الجنس تنتج مئات من النسل المتطابق وراثيا.
 
ومع ذلك، فحين تُدرس ديدان الربداء المتطابقة وراثيا في ظل الظروف البيئية ذاتها، يمكن أن تختلف أعمارها الافتراضية بأكثر من خمسين ضعفا.
 
وتابع الموقع نقلا عن جاكوب أنه "إذا حُدد العمر الافتراضي انطلاقا من الجينات والبيئة فقط، يمكن أن نتوقع موت جميع الديدان المتطابقة وراثيا في الوقت ذاته تقريبا، ولكن ليس هذا ما يحدث على الإطلاق" حيث "تعيش بعض الديدان ثلاثة أيام فقط في حين يظل البعض الآخر يتحرك بسلاسة بعد عشرين يوما".
 
 
أنواع الأكسجين التفاعلية
وأوضح الموقع أن هناك ما يسمى "أنواع الأكسجين التفاعلية" وهي مواد مؤكسدة ينتجها كل كائن حي يستنشق الهواء، وترتبط ارتباطا وثيقا بالتقدم في السن، حيث إن الضرر التأكسدي الذي تلحقه شبيه بالضرر الذي تدعي العديد من الكريمات المضادة للشيخوخة محاربتها.
 
وأضاف أن الإجهاد التأكسدي يحدث عندما تنتج الخلايا مؤكسدات وجذور حرة أكثر من القدر الذي يمكنها التعامل معه، وعلى الرغم من أن الإجهاد التأكسدي جزء من عملية التقدم في السن، فإنه يمكن أن ينشأ أيضا عن الظروف المسببة للإجهاد على غرار ممارسة الرياضة وتقييد تناول السعرات الحرارية.
 
في هذا الإطار، قرر الباحثون في جامعة ميشيغان دراسة ما إذا كانت التغييرات المؤقتة في أنواع الأكسجين التفاعلية تؤثر على العمر الافتراضي لديدان الربداء الرشيقة.
 
الإجهاد التأكسدي والهيستون
توصل الفريق إلى أن ديدان الربداء الفردية قد اختلفت اختلافا هاما من حيث كمية الأكسجين التفاعلية التي أنتجتها، حيث إن تلك الديدان -التي أنتجت المزيد من أنواع الأكسجين التفاعلية أثناء تطورها- قد عاشت ربما فترة أطول من تلك التي أنتجت كمية أقل من أنواع الأكسجين التفاعلية خلال الفترة المبكرة من حياتها.
 
 
ومن المثير للاهتمام أنه حين عرض الباحثون مجموعة الديدان اليافعة على أنواع الأكسجين التفاعلية خلال فترة النمو، وجدوا أن متوسط عمر المجموعة بأسرها قد ارتفع. كما أجرى الفريق أيضا دراسات لتحديد ماهية الآليات التي يمكن أن تساهم في زيادة العمر الافتراضي لهذه الديدان.
 
وللقيام بذلك، صنّفت الباحثة بازوبولو آلاف يرقات الربداء الرشيقة وفقا لمستويات الإجهاد التأكسدي التي أظهرتها أثناء التطور.
 
ومن خلال فصل الديدان التي تنتج كميات كبيرة من أنواع الأكسجين التفاعلية عن تلك التي تنتج كميات قليلة منها، كشفت أن الفرق الرئيسي بين المجموعتين تمثل في تفاوت معدل البروتين القلوي "هيستون" الذي تبين أن نشاطه يتأثر بعوامل الإجهاد التأكسدي.
 
ولسائل يقول: كيف تتواصل إذا هذه التغييرات أو كيف تؤثر نهاية المطاف على امتداد فترة العمر الافتراضي؟ الأمر المؤكد أن معدل بروتين هيستون يتأثر أيضا بالضغط التأكسدي الذي يحدث أيضا في خلايا الثدييات.
 
ختاما، يتطلع الباحثون لمعرفة أبرز التغييرات التي تحفزها أحداث الحياة المبكرة هذه، فقد يسمح فهم هذا الأمر للعلماء بتطوير المبادرات التي من شأنها أن تلعب دورا في تمديد العمر الافتراضي.