اعتبر الرئيس السابق ​أمين الجميل​ أن "ما يشهده ​لبنان​ لم يأت كمفاجأة بل كان متوقعا بسبب غياب الحوكمة الرشيدة في البلاد وغياب القيادة في المجالات كافة، إضافة إلى انعدام الحس بالمسؤولية".

وخلال حلقة حوار تحت عنوان: "الإنتفاضة الشعبية اللبنانية و​المجتمع الدولي​" في "بيت المستقبل"، رأى أن "التخبط الذي نعيشه والفلتان السائد ناتجان أيضا عن تعقيدات النظام السياسي وغياب المحاور اللبناني، فالواقع الراهن مأساوي ليس لبعده الاجتماعي والاقتصادي والسياسي فحسب، بل لعدم وجود محاور لبناني يعمل على إطلاق حوار في الداخل والخارج لإخراجنا من الأزمة، فالأزمة اليوم هي أزمة وجودية، ولا شيء يبشّر بأن حلها قريب إذ ليس هناك من محاور يمكن أن يطرح اقتراحات للحل".

وأوضح أن "ما نعنيه في الواقع بالمجتمع الدولي هو بعديه الإقليمي والعالمي معاً"، مؤكداً أننا "كلبنانيين لا نريد التهرّب من مسؤوليتنا، فكلنا معنيون بما آلت إليه الأمور من مسؤولين وأحزاب سياسية ومؤسسات ونقابات، ولا أبالغ إذ اقول إن كل هذه المواقع قد دجنّت، ولكن لأزمتنا أيضا بعد خارجي لا يمكننا تجاهله، ولا بد من أخذه بالاعتبار عند مقاربتها ومحاولة فهم مختلف جوانبها كما طرح الحلول لها".

ورأى أن "هذا البعد الخارجي له جانب إقليمي وآخر دولي، الجانب الإقليمي يتضمن عوامل عدة لكنني اعتبر أن واحدا منها أكثر أهمية ومحورية وهو تدخل ​إيران​ في لبنان والعلاقة الثنائية بين البلدين، إضافة إلى الدفع بلبنان إلى اصطفافات إقليمية عبر إلحاقه بمحور الممانعة"، موضحاً أنه "في الماضي ولأسباب معروفة، لم يكن بإمكاننا طرح هذا الموضوع، إنما اليوم أعتقد أن طرحه على طاولة النقاش بات ليس فقط ملائما بل ملحا".

وشدد على أنه "لا يمكننا إنكار العلاقة الوثيقة بين الأزمة اللبنانية الراهنة والأجندة الإيرانية الإقليمية، لا سيما مع النفوذ الذي يتمتع به ​حزب الله​ ضمن الحياة السياسية اللبنانية، وهو الذي أعلن أن مرجعه الأساس هو السيد علي خامنئي وأكد جهارا أكثر من مرة ارتباطه الوثيق بايران عقائديا وعسكريا وماليا ولوجستيا".

ورأى أننا "كلبنانيين عاجزون بوسائلنا الخاصة عن معالجة هذا الأمر الشائك، لكن يمكننا العمل على إيجاد طرف دولي حيادي يطلق مبادرة او حوارا لحل المعضلة الإيرانية في إطار مرجعتين هما القانون الدولي والعدل، ويأخذ على عاتقه حل هذه المشكلة عبر آلية واستراتيجية معين، بما يسمح للنظام اللبناني بإعادة بناء مؤسساته واستعادة ديمقراطيته".

ولفت إلى أننا "نريد أن نتفاهم مع إيران ويمكن لبلدينا أن يتوصلا إلى أرضية وقواسم مشتركة دون أن تكون العلاقة الثنائية قائمة على التبعية، فإيران تتجاوز القانون الدولي في لبنان وتتجاوز ممارساتها كل المفاهيم الدولية لا سيما لجهة عملها الدؤوب على خلق سيادة موازية لسيادة الدولة".

وأوضح أنه "بالنسبة إلى العدل، فتعاطي ايران مع لبنان ليس عادلًا وهو غير منصف وفوقي أدى في نهاية المطاف إلى انحلال المؤسسات، ومن حقنا كلبنانيين المطالبة باستعادة دولتنا وبأن تكون علاقاتنا مع كل الدول وفق هاتين المرجعيتن كما من واجب المجتمع الدولي مساعدتنا في هذا الأمر".

ووصف الجميّل الثورة التي يشهدها لبنان منذ ما يقارب الشهرين بالأمل الأخير للوصول إلى التغيير المنشود، معتبراً أن "التحدي الكبير اليوم هو المحافظة عليها"، مكرراً التحذير من "اختراقها أو من استخدام القوة المفرطة لقمعها خصوصا وأننا مقبلون على عملتي تكليف رئيس للحكومة العتيدة وتشكيلها".