تشتعل البحرين، وتعتمل فيها أزمَة الحكم بطريقة مقاربة للدول التي تفتَحت أزماتها الجديدة على ضؤ النتائج الانتخابية وتصرفات الحاكم الجديد ،ولتلك الدول المراوحة مكانها والمقفلة على أنظمة أمنية مرتبطة باله واحد لا شريك له في ادارة الدولة .
تعاطى العرب مع البحرين كأزمة مفتعلة لتغير بنى سلطوية متصلة ببعضها البعض باعتبارها مكونات متشابهة ومتلازمة وملتزمة بجملة أهداف جعلتها أمَة خاصة ومتحسَسة من دعوات المسَى بأوضاعها الداخلية وبتفاصيلها كافة . لذا أعطوا ظهرهم لمطالب بحرينية محقة ،ووفروَا الأمن لنظام الأمير كحماية مانعة لبلوغ الخطَ الأحمر من قبل المحتجين على النظام ،ومن يقف وراء شعاراتهم السياسية والطائفية ،وبذلك أخرج العرب ثورة البحرين من نادي الثورات العربية واعتباروها حالة شَاذة تعبر عن هوىً فارسي قديم طامع وطامح باسقاط البحرين ومن خلالها البيئة الخليجية ومرتكزاتها السلطوية .
لعبت ايران دوراً بارزاً في تنشيط الثورة في البحرين، ومدَتها بالوسائل التي أتاحت لها التنفس من رئة طائفية حدًت من خياراتها الوطنية ومنعتها من تقديم نفسها كحالة داخلية تطالب بحدود حقوقية تنقل الحكم في البحرين من الفردية الى المشاركة السياسية على ضؤ وصع دستور جديد يلبي فيه مصالح الشعب البحريني ويضع الدولة في سياق التطور الطبيعي للمجتمعات ،وضرورة انتاج صيغ سلطوية متقدَمة تُسهم في تلبية حيويات المجتمعات العربية المكبوتة منذ قيام الدولة الوطنية، وما نتج عنها من نخب سطوية استبدادية .
اذاً حُبس الشعب البحريني في زنزانة خليجية، وأقفل عليه بمفتاح ايراني، وعلى مرأى من عيون عربية وغربية نائمة أو مستقيلة من دورها في مساندة خيارات الشعوب رغم دعوات دمقرطة الأنظمة في منطقة أوسطية مقاربة والى حد ما كانت عليه أوروبا الشرقية أثناء وجود الاتحاد السوفياتي .
على شعب البحرين مسؤولية مزدوجة في تقديم نفسه ككتلة وطنية لا طائفية ،واتجاه يعبر عن رغبات داخلية في التغيير لاعن مصالح خارجية ،وهذا ما يتوجب عليهم اتخاذ مواقف جريئة من كلَ المتدخلين بالوضع البحريني، من ايران الى السعودية، واعادة كتابة الشعارات وفق منظور وطني ،والتخلي الكلي عن مرجوحة الأكثرية الطائفية لأنها لاتؤدي الى أمكنة جيدة ولكنها تُسبب مشاكل وتعقيدات كثيرة وتدفع بالمطالب المحقَة الى هاوية مذهبية يدفن فيها كلَ حق ومهما كان مُقدَساً.