بعد 77 يوما على بدء التحقيقات المتعلقة بما بات يعرف بـ"أوكرانيا غيت"، أعلنت اللجنة القضائية بمجلس النواب الأميركي لائحة اتهام برلمانية بحق الرئيس دونالد ترامب تتضمن مادتين هما استغلال السلطة، وعرقلة عمل الكونغرس.
 
ويتهم الديمقراطيون ترامب بإساءة استخدام سلطاته، وذلك بربطه المساعدات العسكرية لأوكرانيا وعقد قمة مع الرئيس الأوكراني فولودمير زيلينسكي، بفتحه تحقيقا حول شبهات فساد تتعلق بنجل نائب الرئيس السابق جو بايدن مرشح الحزب الديمقراطي لانتخابات 2020 الرئاسية.
 
وتتعلق تهمة عرقلة سير أعمال الكونغرس بضغط ترامب على كبار مساعديه لعدم الظهور أمام لجان التحقيق بالكونغرس، ورفض البيت الأبيض أي تعاون مع التحقيقات.
 
وكشفت إجراءات عملية عزل ترامب -التي أقدم عليها مجلس النواب- عمق الانقسام الذي شهدته السياسة الأميركية خلال الأعوام الخمسين الأخيرة.
 
ولم يمثل تناقض تصويت أعضاء الحزبين مفاجأة للخبراء الذين تابعوا جلسات التحقيق العلنية خلال الأسابيع الماضية، إذ لم يصوت أي عضو جمهوري إلى جانب الديمقراطيين لصالح فتح التحقيق في مخالفات ترامب.
 
 
 
وبات شرط التوافق بين أعضاء الكونغرس الموجب لعزل رئيس يعكس تناقضا في المواقف لم يتكرر من قبل بين أعضاء الحزبين الديمقراطي والجمهوري في حالة السوابق التاريخية المرتبطة بالعزل.
 
جمهوريو اليوم والأمس
واختلف موقف أعضاء الحزبين بصورة واضحة عن موقف نظرائهما إبان محاولة عزل الرئيس الجمهوري ريتشارد نيكسون في سبعينيات القرن الماضي، ومحاولة عزل الرئيس الديمقراطي بيل كلينتون في التسعينيات.
 
ومع توقع تصويت غالبية الجمهوريين بمجلس النواب لصالح إدانة الرئيس، سيصبح ترامب ثالث رئيس تصدر بحقه لوائح اتهام عن الكونغرس، بعد أندرو جونسون وبيل كلينتون، في حين قدم نيكسون استقالته قبل التصويت على عزله بعد تيقنه من تخلي الجمهوريين عنه.
 
وفي السادس من فبراير/شباط 1974، صوت مجلس النواب بأغلبية 410 أصوات مقابل أربعة أصوات فقط على بدء اللجنة القضائية تحقيقاتها المتعلقة بعزل الرئيس.
 
ويعتقد المؤرخ الأميركي تيموثي نيفتالي أن "قادة الكونغرس احتاجوا إلى دعم الحزبين من أجل ضمان تأييد غالبية الشعب الأميركي لبدء عملية العزل، وحتى لا تظهر التحقيقات على أنها تسعى لخدمة أهداف حزبية".
 
ومع قرب انتهاء دور مجلس النواب الذي يتمتع فيه الديمقراطيون بأغلبية 235 عضوا مقابل 200 للجمهوريين، سيبدأ دور مجلس الشيوخ ذي الأغلبية الجمهورية المتمثلة في 53 عضوا مقابل 47 للديمقراطيين.
 
وتتطلب إقالة الرئيس أغلبية الثلثين أي 66 عضوا، وهو ما يصعب تصوره حتى الآن، إلا إذا حدثت مفاجآت من العيار الثقيل. ويُعتقد أن مجلس الشيوخ سيقف حجر عثرة في أي تقدم في عملية سحب الثقة وعزل الرئيس ترامب.
 
 
وأعلن رئيس الأغلبية الجمهورية بمجلس الشيوخ ميتش ماكونيل أن "ديمقراطيي واشنطن كانوا وما زالوا يسعون لوسيلة لإبطال نتيجة انتخابات 2016 التي خسروا فيها".
 
أما زعيم الأقلية الجمهورية بمجلس النواب كيفين مكارثي فتعهد بمحاربة إجراءات عزل الرئيس وذكر منطق السيناتور ماكونيل نفسه، إذ قال إن "نانسي بيلوسي ليست راضية عن نتيجة انتخابات 2016، هذه الانتخابات انتهت بفوز ترامب".
 
لا سابقة لعزل رئيس
ومنذ نشأة الولايات المتحدة قبل 240 عاما، جرت أربع محاولات لعزل الرئيس وانتهت جميعها بالفشل، وهي التالية:
 
-المحاولة الأولى: كانت عام 1840 ضد الرئيس جون تايلور، الذي خدمته نتيجة انتخابات التجديد النصفي للكونغرس وانتقال الأغلبية لحزب الرئيس وانتهت المحاولة سريعا.
 
-المحاولة الثانية: استهدفت الرئيس أندرو جونسون عام 1868 بسبب إقالته لوزير الدفاع المحبوب آنذاك إيدموند سانتون. ومر قرار العزل بمجلس النواب، إلا أنه لم يمر في مجلس الشيوخ لحصوله على 65 صوتا فقط أي أقل بصوت واحد عن الأغلبية المطلوبة.
 
-المحاولة الثالثة: بدأت عام 1973 كنتيجة لفضيحة ووترغيت، واختار الرئيس ريتشارد نيكسون الاستقالة عندما أيقن أن الأغلبية الديمقراطية تستطيع تمرير قرار عزله نظرا لتدني شعبيته وصعوبة دفاع الجمهوريين عنه.
 
-المحاولة الرابعة: جرت عام 1998 ضد الرئيس بيل كلينتون إثر تورطه في علاقة جنسية مع مونيكا لوينسكى، إحدى المتدربات في البيت الأبيض، وكذبه بشأن هذه العلاقة. ومرر مجلس النواب قانون العزل، إلا أنه فشل في الحصول على أغلبية الثلثين في مجلس الشيوخ. وارتفعت بعد ذلك شعبية الرئيس كلينتون بصورة كبيرة.