اعتبر وزير العمل في حكومة تصريف الاعمال كميل ابو سليمان، في حديث الى الى الـ mtv "أننا في الهاوية، ومن يقول غير ذلك فهو يحاول تضليل الناس او لا يعلم ماذا يحدث"، مؤكدا "اننا سنتخطى هذه الأزمة ولكننا بحاجة إلى تغيير في الذهنية وطريقة التعاطي معها وإلى خطة متكاملة، فلا يمكننا الاستمرار مع عجز سنوي يفوق الخمس مليارات دولار مقابل تراجع بالايرادات".

ودعا ابو سليمان الى "وضع أولويات لكيفية صرف لبنان للدولار"، معتبرا ان "الاولوية هي بتأمين الدواء والقمح والمحروقات". وقال: "لبنان على موعد مع استحقاق تسديد حجم كبير من الديون في آذار المقبل، وبرأيي الشخصي كقانوني وخبير عملت على مسألة اليورو بوند، ان علينا التفكير جديا قبل السداد. فعلى سبيل المثال، اصر الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو على سداد ديون بلاده الخارجية، والنتيجة انه افقر شعبه وهجره وتعثر عن السداد في النهاية".

اضاف: "اننا في وضع حرج وعلينا اختيار الأفضل للبلد ومعالجة واقع المالية العامة ووضع خطة متكاملة للخروج من الازمة. ولا يمكننا تشبيه لبنان بأي بلد إذ لكل بلد ظروفه، فأزمة لبنان تختلف عن ازمات مالية واقتصادية مرت بها دول اخرى وهي تخطت أزمة اليونان".

وتابع: "عملت على اعادة هيكلة الديون في أكثر من 12 بلدا، ولم أر قط أي دولة لا تحرك ساكنا لتحسين الوضع وإيجاد حلول كما عندنا. لقد مضى 54 يوما على الأزمة ولم تقم الدولة بأي شيء جدي، وربما الخطوة الوحيدة لمقاربة الازمة حتى اليوم هي اجتماع باريس في الحادي عشر من هذا الشهر".

واذ لفت الى "ان اي خطة انقاذية يجب ان تعيد النظر بنمط الموازنة"، اكد انه "لا يمكننا الاستمرار من دون حسابات شفافة، فنيوزيلند مثلا كل ثلاثة اشهر تعلنا عن حساباتها".

وقال: "انا متفائل لانني اعتقد ان الفساد سوف ينخفض مع انتفاضة الشعب اللبناني، كما اننا سنرى لبنانيين سيقدمون المساعدة لبلدهم للخروج من هذه الازمة".

حكومة ذات مصداقية
ورأى ابو سليمان "اننا بحاجة لحكومة ذات مصداقية"، وقال: "سنصل الى مرحلة تطلب الحكومة تضحيات من الناس، لذا المصداقية ضرورية وكذلك استعادة الثقة واتخاذ اجراءات سريعا. للأسف ما حصل في الأيام الأخيرة غير مطمئن، إذ رأينا طرح عودة وجوه سابقة للحكومة، اي ان الناس انفسهم الذين اوصلونا الى ما نحن عليه سيعودون بشكل مباشر او غير مباشر. لا يمكننا تحفيز الاقتصادي الفعلي real economy الا بحل للازمة عبر اشخاص لديهم مصدقية".

الذهب
وردا على سؤال عن مدى امكان الدائنين، خصوصا الاجانب، من وضع يدهم على الذهب، قال: "القانون واضح، اذا كانت المصارف المركزية مستقلة ولا تدير اموال الدولة لا يمكن وضع اليد على الذهب الذي لديها".

اضاف: "وضعنا ليس سيئا اذا اردنا التفاوض مع الدائنين خصوصا الخارجيين، اذ:

- اولا، الدين بأكثريته مملوك من البنوك اللبنانية.
- ثانيا، لدينا حصانة تامة في لبنان وفق المادة 860 من قانون اصول المحاكمات المدنية.
- ثالثا، لا موجودات للدولة اللبنانية في الخارج سوى السفارات التي تتمتع بحصانة وفق اتفاقية فيينا.
لذا يلزمنا تأمين سيولة وبرنامج واضح للنجاح بالتفاوض مع الدائنين".

الدفاع عن الليرة
وكشف ابو سليمان أن لديه تأكيدات من 3 مصارف كبيرة بأن المساهمين الاساسيين سيزيدون رأسمالهم"، لكنه اشار الى ان "موجودات المصارف نحو 120 مليار دولار، 40 مليار منها في محفظة الديون و17 مليار في السندات الخارجية و65 مليار دولار مع المصرف المركزي. لذا قبل ان نعرف محتوياتها يجب ان نعرف نسبة خسارتها. لا نعرف موجودات البنوك اللبنانية وخصوصا مصرف لبنان المركزي وماليته وموازنته كي نبني على الشيء مقتضاه".

وذكر ابو سليمان بأن وزراء "القوات اللبنانية" استقالوا من الحكومة، لان الحكومة لم تقم بالاصلاحات البنوية التي طالبوا بها". وقال: "مع تشكيل الحكومة يجب ان نبدأ اولا بمعرفة موازنة هذا القطاع لا سيما موازنة مصرف لبنان واين تذهب الاموال، لذا يجب وضع خط دفاع عن الليرة. اذا لم تتخذ الاجراءات الصحيحة سيكون هناك خطر المس بودائع المواطنين في المصارف. يجب ان يكون لدينا حل شامل ولو مؤلم يبدأ بموازنة جدية وليست شبيهة بالموازنة الاخيرة التي لم تكن جدية ابدا".

صندوق النقد الدولي
وأشار ابو سليمان الى ما أعلنته "القوات" في آذار الماضي في الورقة الاقتصادية التي اطلقتها، بأنه اذا لم تؤخذ الاجراءات الضرورية والاصلاحات البنيوية خلال شهرين او ثلاثة يجب الذهاب الى صندوق النقد الدولي، لأنه حينها يكون اثبت السياسيون اللبنانيون انهم غير قادرين على اتخاذ الاجراءات اللازمة".

ورأى اننا اليوم:
- اولا، بحاجة الى دعم خارجي.
- ثانيا، صندوق النقد الدولي هو الجهة الصالحة التي تلجأ لها الدول التي تواجه مشاكل، بغض النظر ان كانت قراراته جيدة او سيئة.
- ثالثا، انا مع ان نتوجه الى كل الدول أكان فرنسا او اي دولة صديقة او الدول العربية التي تستطيع المساعدة".

وقال: "لذلك اقترح البدء بحوار رسمي معها وليس بحديث "فولكلوري" وان نبادر بطلب رسمي اليها بابداء رأيها لكيفية الخروج من الازمة. اذا لم نقتنع بالخطوات التي قد يطرحها البنك الدولي، فلسنا ملزمين بها ونبحث عن مخارج اخرى، وليقترح علينا المتخوفون بدائل أخرى".

وشدد أبو سليمان على "اننا بحاجة الى خلية أزمة جدية تبدأ بالعمل بشكل متواصل ولا تكون لجنة شكلية تعقد اجتماعا كل اسبوعين"، وقال: "يجب ان نخرج بخطوات عملية للخروج من الازمة في أسرع وقت لان عامل الوقت يلعب ضدنا. كل تأخير يزيد الازمة تعقيدا ويجعل الاجراءات اصعب ويرتفع عدد الشركات المفلسة وتسهلك السيولة المتوفرة".

وردا على سؤال، اجاب: "اذا أردنا التوجه الى طلب دعم من صندوق النقد، على وزير المال والحكومة من خلفه وبالتعاون مع حاكم مصرف لبنان رفع الطلب الى صندوق النقد ليدرس الموضوع قبل اعطاء جواب عن امكانية المساعدة. يدرسون ثلاثة امور:

1- قدرة الحكومة والموازنة على تحمل الدين، اي يدرسون قدرة الدفع قبل حجم الدين.
2- خلق شبكة حماية اجتماعية والتأكد من ان اي مساعدات ستذهب الى الناس الاكثر فقرا.
3- التأكد من ان بامكاننا دفع ما سيقرضوننا، اي بعد ثلاث سنوات.

اضاف: "نشارك منذ اكثر من 50 سنة في صندوق النقد وندفع المستحقات المتوجبة علينا، ولدينا نحو مليار دولار وبالطبع نحن بحاجة لمبلغ اكبر".

وعن مؤتمر سيدر ومصيره وقدرته على اخراج لبنان من الازمة، قال: "سيدر ليس الحل ولا اعتقد انه انتهى، فهو عبارة عن استثمارات جديدة، ونحن اليوم في ازمة يجب ان نحلها بأن نؤمن اليوم اولا سيولة قبل البدء بالاستثمارات".

capital control
وردا على سؤال، قال: "بعيدا عن المواقف السياسية وكموقف رجل قانون، اؤكد أن الـ"capital control" قائمة ومعلنة ولكن غير مقوننة. هي موجودة شئنا ام ابينا فالمواطن يتوجه للمصرف ليأخذ بعضا من امواله ويمنع من ذلك، كما انه لا يستطيع تحويلها الى الخارج الا بظروف استثنائية".

وتابع: "منذ اليوم الاول، وبرأي الشخصي، يجب ان يكون هناك قوننة لذلك بتعميم او قانون او قرار، لثلاثة اسباب:
- اولا، اعطاء تغطية قانونية لموجودات البنوك في الخارج ما يساعد المودعين.
- ثانيا، المساواة بين كبار المودعين ومساهمي المصارف وصغار المودعين الذين لا يعاملون بشكل متساو.
- ثالثا، تحفيز الناس على ارسال اموال الى لبنان لانه اذا اراد اي شخص ان يرسل اموال من الخارج يحتاج الى اطمئنان قانوني ليس فقط من جمعية المصارف ليتأكد ان الاموال التي تدخل حديثا الى لبنان غير خاضعة لاي قيود.

وقال: "المشكلة في لبنان ان معظم المسؤولين يتقاذفون المسؤولية ولا احد منهم يتمتع بالجرأة والنزاهة لتحمل المسؤولية".

وأكد ابو سليمان انه لن يشارك في الحكومة المقبلة اذا طرح عليه ذلك "لانني امثل القوات اللبنانية، وهي امتنعت عن المشاركة".

اموال الضمان
وعن تخوف بعضهم على اموال الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، اجاب: "اموال الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي المستحقة على الدولة اللبنانية تبلغ نحو 7.6 مليار دولار مقسمة تقريبا بالنصف بين سندات خزينة باللبناني وودائع في المصارف، هذه الاموال موجودة بالليرة اللبنانية ولكنني متخوف من ان تنخفض قيمة الليرة. لدينا مليون و600 الف مستفيد من الضمان الاجتماعي نعمل كي لا يتضرروا خصوصا في موضوع نهاية الخدمة في حال انخفضت قيمة الليرة".

الصرف الجماعي
وفي ما يتعلق بعمليات الصرف الجماعي، قال: "للاسف هناك الكثير من عمليات صرف الموظفين وتخفيض الرواتب، نحاول ان نتعامل معها وفق الصلاحيات المعطاة لنا في القانون، وارى ان على الحكومة الجديدة البحث بقانون جديد ينظم الوضع".

وتابع: "على الشركات قبل ان تتخذ اجراءات الصرف الجماعي ان تتوجه الى الوزارة وتبلغ بذلك قبل 30 يوما من تاريخ نفاذ القرار، واذا لم يبلغونا يصبح الصرف تعسفيا والوزارة تقوم بدورها بالتدقيق في وضع الشركة لتتأكد من تداعيات الازمة عليها وانها لا "تركب الموجة". نحاول الدفع كي لا تخفض الشركات ارقاما كبيرة من الرواتب ولكن نتمنى ايضا من الموظف ان يتفهم الوضع".

وردا على سؤال، قال: "أوقفنا تقريبا اجازات العمل للفئة الثالثة من الاجانب، اذ شهدنا فيها سوء استعمال في ما يتعلق بعمال التنظيفات، ونخفف الاجازات للعاملات في الخدمة المنازلية لاننا نريد ان نخفض نسبة التحويلات الى الخارج كما نريد منح فرص عمل اضافية للبنانيين".

وختم ابو سليمان موجها، "تحية وفاء لروح الشهيد جبران تويني ولو كان بيننا اليوم لكان فرح بالمشهد في ساحات لبنان والتحركات الشعبية التي عمت المناطق كافة".