الحرس الثوري الإيراني يهدد الشعب العراقي بمصير الشعب السوري.
 

في أيامنا العصيبة هذه أصبح الشر والخير بحاجة إلى تعريف وتحديد وتقنين. فممارسة العنف كأداة سياسية شر. وتمويله شر. وتصدير الفكر الظلامي الطائفي والعنصري الذي يؤجج الأحقاد بين الطوائف والشعوب شر. والقتل على الهوية شر. وسرقة المال العام شر. وتهريب السلاح والمال إلى جماعات متخلفة متمردة في دول آمنة شر أيضا. واحتلال جزر الغير شر. وتحريك الطوابير الخامسة في الدول الأخرى شر.

أما الخير فهو كل ما كان عكس ذلك. فكل رفض للتخلف والتزمّت الديني والطائفي خير. وكل رفض للقتل والتفجير والتدمير لتحقيق أهداف سياسية خير كله وفضيلة وإنسانية نبيلة.

وهنا ندخل في صلب الموضوع. فليس معقولا ولا مقبولا أن يكون رأس الولي الفقيه، وهو رجل الدين الذي وضعت الأمة عليه عمامة بيضاء، تكريما وتمييزا وتتويجا له بالحكمة والموعظة الحسنة، وأوكلت إليه هداية الناس إلى طريق الصلاح والسلام والفضيلة، جمجمةً فاسدة يسكنها الظلام والحقد والحسد والخبث والفساد، فيمنح نفسه حق تكفير الآخرين ويُنصّب نفسه حاكما مطلقا يحكم على عباد الله بالموت، حرقا أو شنقا أو سحقا، أفرادا وجماعات وطوائف.

 

وليس مقبولا ولا معقولا أن يتمادى في تشكيل وتدريب وتمويل فرق القتل والتخريب والتدمير، ويواصل دعم الطوابير الخامسة في العراق، ويأمرها بممارسة الكذب والغدر والمراوغة والتقية والخبث السياسي لتعطيل القوانين وتمزيق الوحدة الوطنية وإعاقة تعزيز وتطوير البنى التحتية وحمل السلاح والتهديد باستعماله لتحقيق مكاسب سياسية أو مالية، واعتماد لغة الترهيب والتهديد والوعيد، وتسخير الفضائيات والإذاعات والصحف العديدة لتشويه سمعة المعارضين لنهجه العدواني، وتلطيخ كراماتهم بوحل الأكاذيب والحكايات الملفقة المختلقة، دون رادع من رب، ولا من نبي، ولا من إمام.

وردا على كل ذلك، فالخشية، كل الخشية، أن يصبح مشروعا ومعقولا ومقبولا، مئة في المئة، أن يتوقف خصومُه العراقيون التشرينيون عن الجنوح إلى السلم، وإلى القتال بالكلمات والهتافات وانتظار الفرج العصي، وهم يزفون، كل يوم وكل ساعة، كوكبة بعد كوكبة من خيرة فتيانهم وفتياتهم إلى الشهادة برصاص الغدر والخيانة والعمالة للأجنبي، وأن يصبح الانتقام والرد عليه وعلى وكلائه بعنف أشد وأكثر إيلاما، ودون حدود ولا قيود، لنقرأ على الوطن العراقي وأهله ومستقبله السلام.

فالمتابعة الدقيقة المُنصفة لتاريخ الحكم الطائفي المتزمّت في طهران، على امتداد أربعة عقود، نرى العجب العجاب. ففي كل مدينة عراقية ولبنانية وسورية وبحرينية ومصرية وحتى ليبية وأوروبية وأميركية آثارٌ دامية من أفعال هذا الولي الفقيه، ومخططات حكومته، تسيل بها أو بسببها دماء بريئة، وتُذرف دموع غزيرة من أمهات على آبائهن ، ومن زوجات على أزواجهن، ومن أطفال على آبائهم أو أمهاتهم، وتُدفن جثث تحت الأنقاض، وتتعطل حياة الملايين، وتتوقف السياسة ويموت الاقتصاد وتزدهر الجريمة. أما حان الوقت لينتف العراقيون ريش هذه الدولة المتهافتة المتساقطة المستحقة للرحيل؟

من هذه الصورة المرعبة لا يستبعد أحدٌ أن يصبح مشروعا لشبابنا المضرجين بدمائهم في بغداد والناصرية والنجف والبصرة أن ينهضوا من سلميتهم العاجزة، ويعدّوا لهم ما استطاعوا من قوة ومن رباط الخيل، ليدافعوا عن وطنهم، وعن حياة شعبهم، فيمارسون القتل لوقف القتل، والتخريب لدرء التخريب، والإرهاب لدحر الإرهاب، والتآمر لمنع التآمر.

إن وحوش قاسم سليماني يهددون شعبنا بمصير الشعب السوري، وبجعل هذا العراق البريء سوريا ثانية.

ولو كانوا غير ذلك، ويفهمون لغة العقل والضمير والآدمية لانتهى كل شيء بأمان وسلام وفي ساعات، ولكنهم بعد كل الدم الذي سال، ما زالوا يكابرون، ويحلمون بقدرة إيران على تركيع هذه الثورة بقوة الغش والكذب والاحتيال، وبقرقعة السلاح.

وأغلب الظن أن ثوار العراق، وقد خرجوا من أجل أن يموتوا أو ينتصروا، لا بد أن يفيض بهم الكيل في نهاية الصبر الطويل. والعين بالعين، والسن بالسن، والرصاصة بالرصاصة، والسكين بالسكين، وعلى الباغي المعتدي أن يرحل، مبكرا، أو أن يموت، وقبل فوات الأوان.