قائمة العقوبات تشمل أذرع الحرس الثوري وعلى رأسها قيس الخزعلي وشقيقه.
 
أكدت وزارة الخزانة الأميركية الجمعة ما أوردته “العرب” عن فرض عقوبات على قادة ميليشيات عراقية موالين لإيران بسبب استعمال العنف في مواجهة الاحتجاجات والضلوع في قضايا فساد. كما قال مسؤول كبير بالخارجية الأميركية إن بلاده تجهز عقوبات جديدة في ما يتصل بالاحتجاجات في العراق.
 
وكانت “العرب” قد أوردت في الحادي والعشرين من نوفمبر الماضي القائمة وتشمل شخصيات عراقية مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني متهمة بالفساد وانتهاك حقوق الإنسان.
 
وفرضت الولايات المتحدة، الجمعة، عقوبات على ثلاثة من قادة الميليشيات في العراق بسبب انتهاكات حقوق الإنسان أو الفساد ورابع متهم بالفساد الحكومي، وفقا لموقع وزارة الخزانة على الإنترنت، بعد أن انتقدت واشنطن قتل أشخاص يتظاهرون ضد حكومة بغداد.
 
يأتي هذا في سياق مساعي الولايات المتحدة للتضييق على إيران وحلفائها في العراق الذين يسيطرون على القرار السياسي والمؤسسة الأمنية والعسكرية والبرلمان.
 

وتستهدف العقوبات قيس الخزعلي زعيم جماعة عصائب أهل الحق المدعومة من إيران وشقيقه ليث الخزعلي أحد زعماء الجماعة أيضا.

كما شملت العقوبات حسين فالح اللامي مسؤول الأمن في قوات الحشد الشعبي التي تضم فصائل مسلحة وتهيمن عليها أيضا جماعات تدعمها إيران، منها عصائب أهل الحق.

وطالت العقوبات خميس الخنجر رجل الأعمال المثير للجدل، والذي يقيم علاقات مع قطر وتركيا.

وقال وزير الخزانة ستيفن منوشين إن “محاولات إيران قمع المطالب المشروعة للشعب العراقي بإصلاح حكومته من خلال قتل المتظاهرين المسالمين أمر مروع”، مضيفا أن “المعارضة والاحتجاج العام السلمي من العناصر الأساسية في جميع الديمقراطيات. تقف الولايات المتحدة إلى جانب الشعب العراقي في جهوده للقضاء على الفساد، ولسوف نحاسب مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان والفساد في العراق”.

وأكدت الخارجية الأميركية أن “واشنطن لن تبقى صامتة على قتل المتظاهرين في العراق”.

وكان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو قال إن بلاده ستستخدم صلاحياتها الشرعية لفرض “عقوبات على شخصيات فاسدة تسرق ثروات العراقيين، وعلى الذين يقتلون ويصيبون المحتجين المدنيين”.

ولوح مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، ديفيد شينكر، بعقوبات قد تفرضها واشنطن قريبا ضد المسؤولين عما وصفه بـ”الفظائع في العراق”، مستنكرا الاستخدام المروع والشنيع للقوة ضد المتظاهرين.


وقُتل المئات منذ أوائل أكتوبر حين اندلعت احتجاجات حاشدة في بغداد وجنوب العراق. ويريد المحتجون الإطاحة بالطبقة السياسية التي يرونها فاسدة وأسيرة للقوى الأجنبية على حساب العراقيين الذين يعانون الفقر وسوء الرعاية الصحية.

وكانت “العرب” قد كشفت في نوفمبر الماضي، استنادا إلى مصادر خاصة في بغداد، أن واشنطن تدرس معاقبة شخصيات عراقية من الخط السياسي الأول بتهم الفساد وانتهاك حقوق الإنسان.

وتتضمن القائمة ثلاث شخصيات عراقية بارزة، على ارتباط وثيق بالحرس الثوري الإيراني وميليشيات الحشد الشعبي.

وتأتي هذه الخطوة لتأكيد أن الولايات المتحدة غيرت من استراتيجيتها في العراق، وأنها ستقطع مع السلبية والانتظار اللذين لازما الموقف الأميركي منذ 2011، تاريخ الانسحاب من العراق، ما سمح لإيران بالسيطرة والتوسع وفرض الأمر الواقع.

وقيس الخزعلي هو الأمين العام لميليشيات عصائب أهل الحق المدعومة من إيران.

وخلال احتجاجات أواخر عام 2019 في العديد من مدن العراق، فتحت ميليشيات عصائب أهل الحق النار على المتظاهرين وقتلتهم.

وليث الخزعلي، شقيق قيس، هو أيضا أحد قادة عصائب أهل الحق.

ويرتبط قيس الخزعلي بإحدى لجان فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني التي وافقت على استخدام العنف المميت ضد المتظاهرين بغرض الترهيب العام.

كما شاركت عصائب أهل الحق في محافظة ديالى العراقية في عمليات الاختفاء القسري والاختطاف والقتل والتعذيب على نطاق واسع، واستهدفت العراقيين السنّة من دون التعرّض لعقاب. 

بالإضافة إلى ذلك، كانت لقيس وليث الخزعلي أدوار قيادية في هجوم يناير 2007 على مجمّع للحكومة العراقية في كربلاء، أسفر عن مقتل خمسة جنود أميركيين وجرح ثلاثة.

وتقول الخزانة الأميركية إن حسين فالح عزيز اللامي، هو زعيم ميليشيا تدعمها إيران، مكلّفة من قبل كبار قادة الميليشيات الأخرى بقمع الاحتجاجات التي تتواصل في العراق.

ويرتبط اللامي بإحدى لجان فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني التي وافقت على استخدام العنف المميت ضد المتظاهرين بغرض الترهيب العام.

وكان اللامي مسؤولاً عن الأمر باغتيالات وقمع المتظاهرين في بغداد. ووجّه مقاتلي الميليشيا الذين أطلقوا النار على المتظاهرين في أوائل أكتوبر 2019، عندما قتل العشرات من المحتجين.

وعزا القرار الأميركي إدراج خميس الخنجر إلى تقديمه “المساعدة المادية أو الدعم المالي أو المادي أو التكنولوجي للفساد أو تزويده بالبضائع أو الدعم، بما في ذلك اختلاس أملاك الدولة ومصادرة الأصول الخاصة لتحقيق مكاسب شخصية والفساد المتعلق بالعقود الحكومية أو استخراج الموارد الطبيعية أو الرشوة”.

ويعتقد مراقبون أن العقوبات قد لا تتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان أو الفساد، وأنها قد تكون مرتبطة بالقصف الذي تعرضت له قواعد أميركية في العراق.

وكانت الولايات المتحدة في وقت سابق قد وجهت ضربة لأحد معسكرات عصائب أهل الحق بعد أن اعتبرتها مسؤولة عن ذلك القصف الذي استهدف قاعدتي عين الأسد وبلد.

وقال الكاتب السياسي العراقي فاروق يوسف إن الشخصيات الأربع التي شملتها العقوبات لا تعتبر من ركائز النظام الأساسية. كما أن العقوبات قد لا تؤثر عليها باستثناء الخنجر الذي قد يملك مصالح مالية خارج العراق.

واستدرك يوسف بالقول إنه وبالرغم من ذلك فقد يؤدي تأطير الإجراء الأميركي بمسألتي حقوق الإنسان والفساد إلى بث حالة من الرعب بين أركان النظام ربما تؤدي إلى التخلي جزئيا عن الحلول الأمنية في التصدي للمتظاهرين. ولم يستبعد أن تكون تلك العقوبات بداية لطريقة أميركية جديدة في النظر إلى الوضع في العراق.