إطالة المشاورات وتعثر التسوية السياسية يضعفان حظوظ سمير الخطيب في ترؤس الحكومة اللبنانية الجديدة.
 
باتت الأزمة الاقتصادية والمعيشية في لبنان حرجة إلى درجة أن رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري اضطر إلى توجيه رسائل إلى رؤساء ووزراء عدد من الدول طالبا مساعدة لبنان، بما يؤمن استمرارية الأمن الغذائي والمواد الأولية للإنتاج لمختلف القطاعات.
 
وشملت رسائل الحريري كلا من العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ورئيس الوزراء الصيني لي كيكيانغ، ورئيس الوزراء الايطالي جيوسيبي كونيت، ووزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو.
 
وأدت الأزمة إلى لجوء المؤسسات الاقتصادية إلى الصرف الجماعي للموظفين، فيما اعترف وزير العمل كميل أبوسليمان بأنه “للأسف لا حماية كاملة للعامِل ولا يُمكن لوزارة العمل أن تمنع الشركات من الصرف الجماعي لكننا نستطيع أن نطلب تقريراً عن ظروف الشركة لنبحث في الأثر المالي والاقتصادي”.
 
ويأتي تحرك الحريري ليكشف عن عجلة يحتاجها لبنان للتخفيف من أعبائه الاقتصادية وسط احتجاجات شعبية واسعة تنهي شهرها الثاني خلال أيام، وأن العواصم الغربية باتت متنبهة لخطورة الوضع وضرورة التحرك لمواجهته.
 
وقال مسؤول حكومي لبناني الجمعة إن فرنسا تعتزم عقد اجتماع لمجموعة الدعم الدولية للبنان يوم 11 ديسمبر لحشد المساعدة للبلاد في مواجهة أزمة اقتصادية حادة.
 
وكشف أن الدعوات أرسلت لحضور اجتماع باريس يوم 11 ديسمبر، وأنه من المتوقع دعوة السعودية والإمارات إلى الاجتماع. وأضاف “أنه اجتماع لمحاولة حشد الدعم لمساعدة لبنان على التعامل مع الأزمة الحادة التي يواجهها”.
 
ويأتي التحرك الدولي بالتزامن مع مداولات مكثفة في لبنان حول مآلات ما قيل إنه اتفاق بين الكتل السياسية الأساسية لتشكيل حكومة “تكنوسياسية” برئاسة رجل الأعمال سمير الخطيب.
 
وقالت مصادر مطلعة إن الساعات الأخيرة أظهرت ضعف التسوية السياسية التي رفعت اسم الخطيب إلى الواجهة لترؤس الحكومة المقبلة، وأن فترة التشاور الإضافية التي أرادها رئيس الجمهورية ميشال عون من خلال تعيين موعد الاستشارات النيابية الملزمة الإثنين المقبل فيما التوافق تم الثلاثاء الماضي، قد أعطت مفعولا عكسيا ليس لصالح الخطيب.
 
واعتبرت المصادر أن ما صدر عن حزبي القوات اللبنانية والكتائب من امتناع عن تسمية شخصية لتشكيل الحكومة، كما غياب مواقف كتل نيابية أخرى، حتى تلك القريبة من حزب الله، أثار أسئلة حول غموض مصير استشارات الإثنين وإمكانية صمود اسم المرشح سمير الخطيب.
 
ولفت برلمانيون إلى أن تعدادا سريعا لما يمكن أن يحصل عليه الخطيب من أصوات حتى الآن أظهر حصوله على أصوات 61 نائبا ينتمون إلى كتل حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر. وأنه وفق هذا التعداد لا يحصل المرشح إلا على صوت سني واحد من داخل كتلة التنمية والتحرير الموالية لرئيس مجلس النواب نبيه بري.
 
ويضيف هؤلاء أن المشكلة الأساسية التي تواجه المرشح لتبوؤ الموقع السياسي السني الأول في البلد هي تغطية المراجع السنية له، وأنه في غياب موقف واضح لدار الفتوى وعلى خلفية بيان رؤساء الحكومة السابقين، تمام سلام وفؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي، والانتقادات التي وجهها الوزير السابق نهاد المشنوق، سينتظر الجميع موقف كتلة تيار المستقبل من هذه المسألة لاستشراف مصير الخطيب في هذا السياق.
 
ويسلط المراقبون الضوء على ما سيقرره النواب السنة الموزعون على كتلة المستقبل (16 نائباً) وكتلة اللقاء التشاوري (5 نواب)، وهو تكتل لم يحسم أمره رغم قربه من حزب الله، إضافة إلى أصوات المستقلين، نجيب ميقاتي وتمام سلام وفؤاد المخزومي ونهاد المشنوق وبلال عبدالله من كتلة الحزب التقدمي الاشتراكي.
 
وقصد قصر بعبدا أن يمنح كتلة المستقبل الموعد الأول في يوم الاستشارات باعتبار أن جلاء موقفها سيدفع كتلا أخرى إلى حسم موقفها سلبا أو إيجابا.
 
وكانت الكتلة قد أرجأت اجتماعا سابقا لتحديد موقفها إلى الأحد، فيما ما زالت مصادر قريبة من رئيس الحكومة المستقيلة سعد الحريري تؤكد أن الأخير ما زال داعما للخطيب، علما أن أنباء قريبة من حزب الله قالت إنه قد أعيدت في الساعات الأخيرة محاولة إقناع الحريري بترؤس الحكومة وفق الصيغة التي اختير من أجلها الخطيب، إلا أنه رفض.
 
وقد بات محسوما أن كتلة القوات اللبنانية (15 نائبا) ستمتنع عن تسمية الخطيب، فيما لم تعلن كتلة اللقاء الديمقراطي برئاسة تيمور جنبلاط (9 نواب) عن موقفها. أما كتلة التكتل الوطني (5 نواب) القريبة من الوزير السابق سليمان فرنجية المتحالف مع حزب الله فقيل إن موقفها سيكون مرتبطا بموقف المستقبل. أما كتلة الوسط المستقل (4 نواب) برئاسة نجيب ميقاتي فستسمي الحريري.