لا تزال الاستشارات النيابية الملزمة رهينة مزاجية الفريق الحاكم، واما الموعد المرتجى لها ففي علم غيب اهل السلطة الغائبة الحاضرة الا في غرفها المغلقة بحثا عن تسوية جديدة وعن رجل جديد لرعايتها.
 
فرحلة البحث عن رئيس لحكومة البلد المنهار اقتصاديا وماليا لا تزال مستمرة، فتارة ترتفع حظوظ احدهم وتارة تهبط، وذلك حسب بورصة نادي الباحثين عن اسم بديل للرئيس سعد الحريري ولكن بشرط ان يحمل بصمة بيت الوسط.
فالسؤال عن مصير التكليف لم يعد في عهدة نواب الامة كما يقتضي الدستور، انما بات في عهدة نواب نواب الامة، او اولياء امورهم اذا صح التعبير، بانتظار تصاعد الدخان الابيض من احد المقرات حيث تطبخ التشكيلات والتسويات والتسميات. 
 
‏ في هذا السياق تكثفت بين قصر بعبدا وعين التينة وبيت الوسط وعلى نحو غير مسبوق اللقاءات المتعلقة بتشكيل الحكومة، ويبدو انها قطعت شوطا كبيرا للاتفاق على الشكل والحجم، على ان تكون ولايتها لمدة ستة اشهر للانتهاء من الاصلاحلات الاقتصادية.
 
تتحرك الطبقة السياسية اللبنانية في الوقت الضائع بانتظار أن تثمر الضغوط الخارجية للاتفاق على شكل الحكومة المقبلة وطبيعتها. ويعود التمادي في تضييع الوقت من خلال فرض الشروط والشروط المضادة إلى عدم اضطرار أي طرف لتقديم تنازلات، وإلى غياب رؤية دولية واضحة حول واقع التوازنات التي يجب أن تفرض نفسها على الواقع اللبناني. ويستند مراقبون في تفسير حالة الانتظار إلى معطيات رشحت عن مصادر دبلوماسية غربية تقر بأن أدوات لبنان المحلية غير قادرة على اجتراح حلول حكومية لأزمة البلد. ونقل عن هذه المصادر أن التوازنات الإقليمية تحتاج المزيد من الوقت قبل أن يتضح مشهدها، وأنه يجب متابعة واقع الصراع بين الولايات المتحدة وإيران، كما مستقبل التسوية في اليمن وسوريا، ومستقبل الصراع في العراق. وتضيف المصادر أن تطور الأوضاع في لبنان سيكون نتيجة طبيعية لتطور الملفات الأخرى في الإقليم. وفي هذا السياق تحدثت بعض المصادر عن مفاوضات غير مباشرة بين الولايات المتحدة وايران من خلال القناة العمانية الا ان هذه المصادر اكدت ان الاجواء كانت سلبية .
 
و بدورها هذه المصادر رفضت تأكيد التسريبات التي خرجت عن قيادات في حزب الله تحدثت عن عدم وجود فيتو أميركي على الحزب للمشاركة في الحكومة المقبلة. وقالت إن هذه الأمور لم تناقش في الاجتماع رفيع المستوى الذي ضم دبلوماسيين من فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا، في التاسع عشر من نوفمبر الماضي في باريس.
 
وأوضحت المصادر أن عدم إثارة مسألة مشاركة حزب الله لا يعني أن العواصم المعنية تدفع باتجاه إشراكه في الحكومة العتيدة.
 
وأضافت المصادر أن تعفف الحزب عن الذهاب في اتجاه حكومة من لون واحد يعود إلى امتلاكه معطيات دقيقة في هذا الصدد، وإلى إدراكه أن طبيعة الأزمة السياسية وحجم الانهيار الاقتصادي لا يسمحان بأي مغامرة غير محسوبة. 
 
واعتبرت المصادر أن المعطيات ما زالت ضعيفة للتحدث عن تقدم جدي في ملف تشكيل الحكومة. واعتبرت المصادر أن المعطيات ما زالت ضعيفة للتحدث عن تقدم جدي في ملف تشكيل الحكومة. وترى بعض الآراء أن مصير اسم الخطيب شبيه بمصير اسمي محمد الصفدي وبهيج طبارة وغيرهما، والتي بقيت نظرية وسرعان ما خرجت من السباق لتشكيل الحكومة المقبلة. على الرغم مما صدر عن أوساط قصر بعبدا عن أجواء توحي بأن الرئيس ميشال عون يؤجل تحديد موعد الاستشارات النيابية بسبب عزمه التأكد من نضوج تفاهمات بإمكانها إنتاج حكومة في أسرع وقت.
 
وأوضحت هذه الأوساط أن الظرف استثنائي يستلزم سلوكا استثنائيا يجنب البلد الدخول في فراغ حكومي طويل الأمد. بيد أن بعض المراجع السياسية تعتبر أن ما يجري هذه الأيام هو انقلاب على دستور الطائف وسابقة لم تحصل منذ العام 1990.
 
وتضيف أن عملية تأليف الحكومة واختيار رئيسها تجري هذه الأيام في قصر بعبدا، وليس في السراي الحكومي، وتعتبر تلك المراجع أن هذا الأمر ليس فقط انتهاكا قانونيا للدستور، لكنه أيضا انتهاك ميثاقي من حيث أن الموقع الماروني الأول هو من يتولى مهمة تشكيل الحكومة، فيما هذه المهمة مناطة بموقع رئاسة الحكومة، الموقع السني الأول في المنظومة السياسية للجمهورية اللبنانية.
 
ويرى مراقبون أن المداولات الحالية لا تأخذ في الاعتبار الحراك الشعبي الكبير في البلد وتعتبره تفصيلا هامشيا إذا تحقق توافق بين المكونات السياسية الكبرى. هذه هي حالة الاجواء الحكومية حتى الساعة، فالضبابية سيدة الموقف، كما شد حبال تحسين الشروط. ولكن ربما يغيب عن بال طابخي الحكومة العتيدة ان البلد ينهار، والاستثمار في الوقت لا ينفع، لانهم حينها سيتولون على بلد مفلس وشعب جائع، الا ان كان هناك من يريد فعلا لهذا البلد الانهيار وبيعه بالمفرق والجملة.