طلبت دمشق في الآونة الأخيرة من قادة الأكراد السوريين وشيوخ القبائل العربية في شمالي شرقي سوريا نقل حقول النفط والغاز إلى سيطرة القوات الحكومية؛ فلماذا؟
 
في تقرير بصحيفة "نيزافيسيمايا" الروسية، قال الباحث في معهد الاستشراق التابع لأكاديمية العلوم الروسية ستانيسلاف إيفانوف إن المليشيات الكردية المدعومة من قوات التحالف الدولي الغربي بقيادة الولايات المتحدة هي التي أخلت الضفة الشرقية لنهر الفرات الغنية بالموارد النفطية والغاز من قبضة تنظيم الدولة.
 
كما أسهمت القوات الجوية الروسية في هزيمة التشكيلات التابعة لتنظيم الدولة، في حين لم تشارك القوات الحكومية بنشاط في القتال، وفضلت الجلوس في دمشق ومقاطعة اللاذقية خلال تلك الفترة، وفق الكاتب.
 
وأشار إلى أنه في ظل الحرب الأهلية الجارية، وتفكك الدولة بحكم الأمر الواقع إلى جيوب، يعتبر هؤلاء أن لهم الحق في التصرف في مواردهم الطبيعية.
 
تواجد أميركي
وفي ما يتعلق بالكتيبة العسكرية الأميركية التي لا تزال في شرق سوريا، والتي يطالب الأسد بانسحابها؛ فإنها تتواجد لحماية المنشآت النفطية في هذه المنطقة، نظرا لأنها توفر احتياجات القوات الكردية المتحالفة مع واشنطن.
 
وأشار الكاتب إلى أن الأكراد والعرب السنة من شرقيّ سوريا يرون أنهم غير ملزمين بنقل أراضيهم ومواردهم الخاضعة لسيطرة دمشق قبل اعتماد الدستور الجديد وتشكيل حكومة ائتلافية جديدة في البلاد، علما أن الأسد لم يعلن مقترحا بشأن الاستخدام المشترك لهذه الودائع.
 

وفي الواقع -كما يستطرد الكاتب- يواصل النظام السوري تجاهل الأكراد، وإعطاء الأولوية لحل النزاعات الداخلية بالقوة بمساعدة الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني ومليشيات أفغانية وباكستانية وعراقية لبسط سيطرتها على كامل أراضي البلاد، والاستيلاء على مرافق إنتاج النفط والغاز بالقوة.

وزعم الكاتب أن الاحتجاجات واسعة النطاق التي اجتاحت عشرات المدن الإيرانية في أواخر عام 2017 وأوائل عام 2018 أظهرت أن البلاد تخصص ما بين 8 و12 مليار دولار سنويا لدعم عائلة الأسد، وهو ما يشكل عبئًا ثقيلًا على الاقتصاد الإيراني.

ونقل الكاتب أن السلطات الروسية كانت تأمل تصدير المنتجات البترولية لتعويض جزء من تكلفة الحفاظ على القوات المسلحة الروسية في هذا البلد، لكن تبين أن معظم حقول النفط والغاز في شرقيّ سوريا لا تزال تحت سيطرة المليشيات الكردية المدعومة من الجيش الأميركي، في وقت فشلت فيه محاولات الأسد للسيطرة على هذه الموارد.


 اللاذقية
يقول الكاتب إنه في اللاذقية -التي تعدّ مسقط رأس الأسد- لا شيء يسير على ما يرام؛ فرغم الاستقرار الذي يخيم على المدينة -حيث تعد مقر النخبة السياسية- فإنها سقطت خلال سنوات الحرب الأهلية بين أيادي "أمراء الحرب المحليين والجريمة المنظمة"، وفق تعبير الكاتب.

وقال الكاتب "في الحقيقة، قدمت النخبة السياسية يد المساعدة من خلال العديد من الطرق؛ مما شجع على التهريب وغيره من أنواع الأعمال التجارية غير المشروعة". 

وأفاد الكاتب بأنه رغم دعوات الأسد المستمرة الموجهة لرجال الأعمال والمجتمع الدولي للاستثمار في إعادة بناء الاقتصاد والبنية التحتية في سوريا؛ فإنه لم يتلقّ موارد كبيرة.

وأشار الكاتب إلى أن المبلغ المطلوب لإعادة إعمار سوريا يقدر بنحو أربعمئة مليار دولار، في وقت لا تملك كل من روسيا وإيران هذه الأموال.

أما الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي ودول أخرى عربية وإسلامية فهي لا تعترف بشرعية حكومة الأسد، وفي حال قدمت المساعدة إلى سوريا، فسيكون عليها الاهتمام بالمناطق التي لا تخضع لسيطرة دمشق، حسب الكاتب.

لا استثمارات
ويقول الكاتب إن التقارير تظهر أنه حتى رجال الأعمال المقربين من الأسد وحاشيته امتنعوا حتى الوقت الراهن عن الاستثمار في اقتصادهم. ففي الآونة الأخيرة، صدرت بيانات تفيد بأن أقارب الأسد -الخاضعين لعقوبات غربية- قاموا بشراء ما لا يقل عن عشرين شقة فاخرة باهظة الثمن، يقع معظمها في ناطحات السحاب في مدينة موسكو.

ونوه الكاتب إلى أن الأسد وداعميه راضون عن حالة "لا حرب ولا سلام" في سوريا، لا سيما في ظل تأجيل اعتماد دستور جديد وتشكيل حكومة ائتلافية إلى أجل غير مسمى.

وأشار إلى أن النخبة السورية الحالية وحلفاءها في طهران يحاولون تجنب تنفيذ أي استثمارات مالية في سوريا المستقبلية والحصول على فوائد فورية، بسبب خشية الأسد من أن يؤدي إجراء إي انتخابات حرة إلى تغيير النظام