كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية تفاصيل مرعبة عن الحملة التي شنها النظام الإيراني لقمع الاحتجاجات ضده، وكانت أقسى فصولها في مدينة عربية بالأحواز.
 
 
وبحسب التفاصيل، التي نشرت على موقع الصحيفة، مساء الأحد، فقد ارتكب النظام الإيراني مجزرة بقتل عشرات المتظاهرين في مدينة بشمال غرب إيران، تسمى ماهشهر، أو مشعور كما يمسيها سكانها، وغالبيتهم من العرب.
 
وقالت "نيويورك تايمز" إن أسوأ عمليات القمع خلال تظاهرات إيران وقعن في معشور، التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 120 ألف نسمة، وتتميز بتاريخ طويل من الاحتجاج على النظام الإيراني.
 
وأوضحت الصحيفة أنه بعد اندلاع الاحتجاجات، منتصف نوفمبر الماضي، نجح سكانها في السيطرة على معظم أرجاء المدينة وضواحيها، بعد مواجهات مع قوات الأمن، كما أغلقوا الطريق الرئيسية المؤدية إليها.

ونقلت الصحيفة عن 6 أشخاص من سكان المدينة تفاصيل "المجزرة"، ومن بين هؤلاء مراسل صحفي عمل على تقصي الأحداث، لكنه منع من نشر ما حصل عليه من معلومات، كما نقلت شهادة ممرضة في إحدى المستشفيات، حيث عولج الجرحى.

قتل بلا هوادة

وبحسب "نيويورك تايمز" فقد قدم هؤلاء شهادات متقاربة بشأن حملة القمع التي شنت ضد المدينة.

وقالت إنه في يوم 18 نوفمبر، أرسل نظام الملالي قوات الحرس الثوري إلى المدينة لسحق التمرد المدني.

وعندما وصل الحرس الثوري، إلى مدخل ضاحية شهرك شمران، التي تسكنها عائلات محدودة الدخل، بدأ عناصره بإطلاق الرصاص دون سابق إنذار على عشرات المحتجين الذين كانوا يغلقون تقاطع طرق، مما أدى إلى مقتل العديد منهم على الفور.

وعندما فر المتظاهرون باتجاه المدينة، لاحقتهم عناصر الحرس وتم تطويقهم، ثم فتحت عليهم النيران، مما أدى إلى مقتل أكثر من 100 شخص. 

وبعد ذلك، حمل الحرس الثوري الجثث في شاحنات ونقلت خارج المدينة، فيما نقل السكان الجرحى إلى المستشفيات.

وقال أحد السكان، وهو خريج جامعي عاطل عن العمل، يبلغ من العمر 24 عاما، إن النظام الإيراني قتل أقرب أصدقائه خلال عملية القتل الجماعي التي حدثت في المدينة، مشيرا أيضا إلى مقتل ابن عمه البالغ من العمر 32 عاما في هذه المجزرة.

وأضاف أن الجثامين أعيدت إلى العائلات بعد 5 أيام، بعد التوقيع على تعهد بعدم تنظيمات جنازات أو سرادقات عزاء، أو الحديث لوسائل الإعلام.

واعترف وزير الداخلية الإيراني، من جانبه، خلال مقابلة تلفزيونية، الأسبوع الماضي، أن المحتجين كانوا قد سيطروا بالفعل على المدينة.

واندلعت الاحتجاجات في منتصف نوفمبر الماضي بعد قرار السلطات الإيرانية رفع أسعار البنزين بنسبة وصلت إلى 50 في المئة، لكن ما لبث أن طالت الاحتجاجات رموز النظام الإيراني، ولا سيما المرشد علي خامنئي، لتشهد إيران أحد أكثر الاضطرابات السياسية دموية منذ الثورة قبل 40 عاما.

أقسى حملة قمع

ويقول نائب مدير مركز حقوق الإنسان في إيران، ومقرها نيويورك، أوميد ميمريان، أنه لم يسبق استخدام هذه القوة المميتة ضد المتجين في إيران منذ الثورة.

ووفقا لـ"نيويورك تايمز" قتل ما بين 180-450 شخصا، وربما أكثر، خلال الأيام الأربعة الأولى من الاحتجاجات العنيفة، فضلا عن إصابة نحو ألفي متظاهر واعتقال 7 آلاف آخرين.

واستندت الصحيفة في أرقامها إلى منظمات حقوقية دولية، وجماعات معارضة، وصحفيين محليين.

وكانت آخر موجة احتجاجات عنيفة شهدتها إيران في 2009، إثر اتهامات بتزوير الانتخابات الرئاسية قتل خلالها 72 شخصا على مدى 10 أشهر، مما يظهر أن حملة القمع الحالية هي الأكثر قسوة.

ويبدو أن النظام الإيراني تمكن من سحق الاحتجاجات بعد مرور أسبوعين على اندلاعها، أو أخفاها عن عيون العالم، عبر فرض التعتيم الإعلامي وقطع الإنترنت، الذي كان وسيلة المتظاهرين في نقل أخبار التظاهرات.

وانتشرت التظاهرات في الأماكن التي يسكنها أفراد الطبقة العاملة وأصحاب الدخول المحدودة، مما يعني أن هذه الانتفاضة ولدت في قلب فئة يصفها النظام بأنها موالية له.

خامنئي مثل الشاه

وأمام عمليات القتل الواسعة، تحدث المعارض البارز، مير حسين موسوي، الذي خسر انتخابات عام 2009، وبقي رهن الإقامة الجبرية منذ 2011.

وألقى موسوي مسؤولية جرائم قتل المتظاهرين على المرشد علي خامنئي وقارن بين قتلى التظاهرات الحالية وبين الذين قتلوا على أيدي نظام الشاه قبل الثورة.

ورفضت السلطات تحديد أعداد القتلى الذين سقطوا من جراء الاحتجاجات، أو عدد الذين تم القبض عليهم، وشكك بالأرقام غير الرسمية التي أعلنها المعارضة والمنظمات غير الحقوقية.