إننا اليوم أمام مشهدية أصبحت بعيدة جدا عن القيم الاخلاقية والدينية والإنسانية، إننا امام صورة جديدة للبطش الثقافي والأخلاقي والاجتماعي، أمام صورة جديدة لأبشع أنواع الغرور وهي تحدي هؤلاء الفقراء في مجتمعنا البائس المحروم.
 


أحرقت الأزمة الإقتصادية في لبنان شرائح كبيرة في المجتمع اللبناني بكل مكوناته وطوائفه، ولامست الأزمة الأخيرة في ارتفاع سعر صرف الدولار في الأسواق اللبنانية حدود اللامعقول فأغرقت المواطن اللبناني بمزيد من الذل والهوان والفقر والحرمان، والدولة بمؤسساتها الإقتصادية والرقابية مشلولة تماما فتُرك الشعب كله لمصيره، لجشع التجار والإحتكار في أبشع صورة ممكن أن نراها عن الوضع الإقتصادي في لبنان.

الدولة ليست معنية بما يجري، وأحزاب السلطة لديها ما يكفيها من المال الحلال والحرام، المال السياسي العابر للحدود، ومال السرقات والنهب والفساد المنظم، وبرعاية هذه الأحزاب بدا المشهد الإجتماعي مؤلما ومخيفا ومفجعا.

وللتأكيد على الهوة الكبيرة بين هذه الأحزاب وبين شعبها وبيئتها قالها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أن حزبه غير متضرر من الأزمة الإقتصادية ولن تتوقف رواتب الأتباع والكَتَبة الإلكترونيين والمتفرغين وباقي الموظفين، فانتشرت الصورة على التواصل الإجتماعي لموظفيه يتباهون بما بين أيديهم من العملة المفقودة لدى باقي اللبنانيين، فأفرغوا ما بقي لديهم من قلة الاخلاق زمن انعدام الرحمة والرأفة والضمير واستفزازات لم تصب بسهامها إلا بيئتهم وناسهم من الفقراء والمعوزين والأيتام وأيتام الشهداء وعوائلهم.

شاهد ايضا : حزب الله يتباهى بدولاراته

 

ويستمر المسلسل لتنتشر على التواصل الإجتماعي فيديوهات تتضمن مشاهد عن كميات هائلة من الدولار "الأميركي"  تنتمي هذه الفيديوهات إلى حزب الله لتنتشر في هذا الوقت بالذات بالتزامن مع الأزمة المالية والإقتصادية  والمعيشية التي بلغت مداها الأقصى خلال الأيام الأخيرة الماضية وما زالت وقد أرهقت اللبنانيين لا سيما مجتمعاتنا الفقيرة وبيئتنا الشيعية تحديدا التي تتصل بهذا الحزب بشكل أو بآخر.

ماذا يقول حزب الله اليوم لهذه البيئة المستضعفة؟ ماذا يقول السيد حسن نصر الله لأشرف الناس؟ وقد دلّ نشر هذه الفيديوهات وفي هذا الوقت بالذات على انعدام القيم الأخلاقية والدينية والإنسانية لدى هذا الحزب، وقد بلغت أزمة الغرور والإستعلاء حدّ المرض النفسي المحتّم، فماذا يريد حزب الله من ذلك؟ من الذي أوعز لهؤلاء بإسقط هذه الصور والمشاهد اليوم في وقت يخرج فيه الشعب اللبناني بكل أطيافه على الفساد، على السرقة ونهب المال العام.
من الذي أشار لهؤلاء بنشر هذه المشاهد التي تشبه بكل تأكيد عجل السامري، في وقت يمنّن نفسه بالمالي الإيراني "كل ما لدينا هو من الجمهورية الإسلامية الإيرانية"
وماذا لو شاهد الشعب الإيراني المظلوم هذه الصورة وكانت كل التظاهرات تردد شعارات الموت من الفقر والجوع وصرف الأموال خارج الحدود الايرانية!!

اقرا ايضا : حزب الله وخياراته الضيقة

 

لقد بات حزب الله اليوم، واليوم أكثر من أي وقت مضى بحاجة إلى مراجعة نقدية لمفاهيمة الثقافية والإجتماعية بعدما غرق إلى أخمص قديمه في آفة الغرور والإستعلاء والتباهي بالقوة ولنخرج اليوم من عقدة التباهي والاستعلاء بقوة السلاح والصواريخ إلى قوة الدولار "الأميركي" وقوة المال، وعلى من يا ترى يتباهى حزب الله بماله؟
على بيئته وشعبه القابع تحت نير الحرمان والفقر والعوز؟ على بيئته التي باتت اليوم ضحية لكل ارتكاباته في تغطية الفساد والدفاع عن الفاسدين؟

إننا اليوم أمام مشهدية أصبحت بعيدة جدا عن القيم الاخلاقية والدينية والإنسانية، إننا امام صورة جديدة للبطش الثقافي والأخلاقي والاجتماعي، أمام صورة جديدة لأبشع أنواع الغرور وهي تحدي هؤلاء الفقراء في مجتمعنا البائس المحروم.