خروج سامي الكليب الرجل الثاني في تلفزيون الميادين على خلفية معلنة وأخرى غير معلنة على ضوء ملاحظات جوهرية لمواقف حزب الله من الحراك اللبناني بعد إثارة موجات من التهديدات عبر ما سميت بملفات حسن فضل الله والتي ما لبست أن تحوّلت الى ملفات محرّم الدخول فيها ويحاسب كل من يتجرأ على البوح بفاسد يتغطّى بلحاف الممانعة بإعتبارها تُهمة كبيرة تستدعي من القائلين بها تحمّل ويلات جمّة تماماّ كما كانت مواقف العصي على رؤوس وظهور المتظاهرين ضدّ الفاسدين .
 
تبع مواقف كليب موقف إدانة لأنيس النقّاس لسوء دور المقاومة في مواجهة الثورة المطلبية بالشبهات والعصيّ وفي رجائها لسعد الحريري كيّ يقبل بتشكيل حكومة أزمة بعد أن تدلّل وقُدّم له لبنيّ العصفور والماعز على حدّ قوله .
اللافت أن كليب والنقّاش من أهل الدار وهما من المحظوظين عند حزب الله وممن شملتهم رعاية القيادة بعناية خاصة وبنعمة دائمة لا تزول ولطالما حدّث الحزبيون عنهما كقوتين عقليتين خارج المألوف فانبهر بهما من لا عقل له وطار بهما الإعلام الممانع وحلق بهما بحيث أن الأوّل أصبح مدرسة إعلامية والثاني مدرسة سياسية وجهادية ومسّهما طائف من الغلو الشيعي الحزبي بحيث أن قولهما أصبح قولاً قريباً من سنيين التنزيل وبات من الصعب استقراء ما يخالف قراءتهما الممنهجة وفق رُزمات ورقية لا يحصل عليها من ماثلهما في التسلّق على أكتاف المواقف في السوقين الإعلامي والسياسي .
 
إندهش الجمهور الطائش ومعه عديمو النظر من فعليّ كليب والنقّاش في لحظة هم أمسّ الحاجة فيها إلى موقف مؤيّد ومتضامن مع منع الحراك اللبناني من تحقيق مطالبه في ظل حراجة شديدة لغياب غير الشيعيين الحزبيين عن وأد الثورة الوطنية كيّ لا يقال أنّهم وحدهم خارج السياق التاريخي وأنّهم وحدهم يدمرون هذه اللحظة التاريخية كيّ لا يكتب التاريخ أن جهة وحيدة هي من ساقت لبنان إلى حتفه الطائفي وأبقت على فسادي السياسة والمال وذبحت بسكين مسنون ومسموم ثورة لم يشهدها لبنان منذ نشأته .
 
يبدو أن فرص الإستفادة من التجربة البشرية معدومة في العقل السياسي الحزبي الممانع لهذا يفرز بإستمرارأخطاءًا كثيرة قاتلة ومميتة كونه يتسنّم ظهر العقل الفقهي التوجيهي والإرشادي أي في إمضاءاته التقريرية الموجبة على المكلفين إتباعها دون تدقيق أو تردّد ما دامت بركات القيادات العليا هي من تعطي فتوى التقيم وضرورة الإتباع لهذا تصبح التناقضات طبيعة الضرورات فتجد ما هبّ ودبّ في سوق المصالح التي لا يشخّصها إلا عقل المتفقه وحده دون غيره تماماً كما هي تجربة النخب السلطوية في العالمين العربي والإسلامي حيث ظاهرة قائد إلى الأبد تعكس صورة الإله في الشخصية المسؤولة  سواء في السلطة أو في المعارضة وهذا ديدن التجارب العربية – الإسلامية التي أهدرت فرص تقدّم الأمّة بحجّة المؤامرة .
 
من الطبيعي أن نشهد هروباً للآخرين سواء من مساحة العمل المؤمن أو من الرؤية التي يراها أحد فرد صمد نتيجة لإنتهاء مفعول الوصاية السياسية على العقل البشري التوّاق نحو المشاركة السياسية في القرارات والتي يرفض فيها صيغ التلقي لذا لا يبقى مؤمناً بفقه القائد التاريخي إلى جبلّة واحدة من الجاهلين بأحكام السياسة .