بيضُ الحمائم حسبهُنّه...أنّي أردّدُ سجعهنّه.
 
من أعاجيب هذه الثورة-الانتفاضة الباهرة تلاقي الأيدي الناعمة في منطقة الشياح-عين الرمانة، هذا الحيّ الذي حوّله الحقد والكراهية والعنف إلى ساحة قتال قبل ساعاتٍ معدودة، التقت الأيادي وتكاتفت الهامات، وتشابكت القلوب، فوُزّعت الورود والرياحين، ونُثر الأرُزّ والعطور الطّيبة، وزغردت الحناجر المفعمة بالحياة، وتبسّمت الشفاه الظامئات، وسالت الدموع المختلطة بالفرح والأمل، سيّدات وصبايا وأبكار وأطفال، يتعانقون درءاً للفتنة، وسدّاً منيعاً في وجه البغضاء والحقد والطائفية البغيضة، يشدُدْنَ على أيدي بعضهنّ، كما يشددن على قلوبهنّ، يحمين فلذات أكبادهنّ من نيران الجلاوزة الظّلمة، الذين لا تملأ بطونهم أموال الفقراء، ولا تشفي غليلهم دماء الأبرياء، يصرخن بصوتٍ واحد في وجه المُستبدّ بالإفك والبهتان: لا لاقتتال المواطنين الإخوة، ولا لنهب المال العام من جيوب الفقراء والمحتاجين والجوعى والمرضى والمعترين، لن ترقصوا على دمائنا بعد اليوم، ولن تقتاتوا من لحمنا كالغربان كلّ يوم، من دخل من عين الرمانة إلى الشياح فهو آمن، ومن دخل من الشياح إلى عين الرمانة فهو آمن، فاعتبروا يا أولي الابصار، كان النبي محمد(ص) يقول: لقد رعيتُ غُنيمات أهل مكة بالقراريط، وابتدأ أمره أن وقف على الصفا ونادى: يا صباحاهُ، يا صباحاهُ!
 
فجاؤا يهرعون، فقالوا: ما دهمَك؟ ما طرقَك؟ قال: بمَ تعرفونني؟ قالوا: محمد الأمين.
 
وعندما ملكَ جزيرة العرب قال لهم: إذهبوا فأنتم الطلقاء، ومات ودرعه مرهونة، ألا تذهبون أيها الحكام على رِسلكم، وتتركوا هذا الشعب الصابر ليتدبّر أموره!
 
لماذا لا تستريحون من حيث يتعب الكرام.