بدأت جلسة اللجان النيابية المشتركة بالنقاشات السياسية المستجدة، إذ حرص نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي على إفساح المجال للنواب الحاضرين للمناقشة بإسهاب في كل الأمور المستجدة التي تقلقهم، فيما استوقف النواب إصرار الفرزلي على الطلب من هؤلاء، ولاسيما النواب المستقلين و«المعارضين»، أخذ وقتهم في إبداء آرائهم.
 

تصف أوساط مواكبة لنقاشات اجتماع الجلسات النيابية المشتركة أمس، بأنّها كانت عبارة عن جلسة اختبار مصغّرة لما يمكن أن يكون عليه اجتماع جلسة الهيئة العامة في المستقبل.

50 نائباً حضروا الجلسة، فأدلى كل نائب بدلوه، لدرجة أنّ النائب جميل السيد حين قال «اكتفي بما قلته»، علّق الفرزلي «لماذا يا رجل يمكنك الكلام قدر ما شئت اكمل»، وهو ما لم يحصل في السابق، كذلك بالنسبة للنائبة بولا يعقوبيان. أما السيد فتكلم على الازمة الحالية، منتقداً التعامل السابق في عملية التشريع، بأنّه «لم يكن كما يجب»، مذكّراً بالقوانين التي قدّمها منذ أكثر من 8 اشهر وما زالت في الادراج.

واعترض النائب أيّوب حميد على الحراك في الشارع، رافضاً تسميته الثورة، محذرّا المضلًّلين في الشارع من الاشخاص الذين يُديرونهم، الأمر الذي استفز يعقوبيان، فرفضت التجريح بالثورة، ووصفتها بأنّها «مباركة»، وبأنّها «أدّت الى مشهد إجتماع النواب اليوم»، مشيرة الى أنّ الثورة لو ارادت لكانت أعادت اقفال الطرق في وجه النواب الذين قدموا للمشاركة في اجتماع اللجان، وقالت بالحرف «علم الحراك بأنّكم ستتكلمون بالمطالب والقوانين التي هي مطلب للثورة، لذلك لم تتمّ عرقلتكم»، متمنية «أن يكون مجلس النواب على قدر المسؤولية الذي بدا عليها الحراك، بعدما أفسح المجال للنواب بالالتقاء دون اثارة الضجيج».

وذكرت بأنّ الحراك نفسه «يريد استشارات وحكومة اكفاء واختصاصيين، ويريد أن يقرّ مجلس النواب القوانين التي تؤدي الى المحاسبة والشفافية»، وطرحت تأليف لجنة لدرس كل المشاريع والمطالب المطروحة خلال شهر، إذا أراد فعلاً مجلس النواب تلبية مطالب الحراك، ولا يريد اللجان «مقبرة للقوانين»، على أن تبدأ اللجنة عقد اجتماعها نهاراً وليلاً، حتى الانتهاء من درس كل القوانين الاصلاحية وتفاصيلها دون ادخال شياطين التفاصيل اليها، وبالأخص تلك التي تمنع تطبيقها.

وعلّقت على بعضها بالقول: «إنّ قانون الاثراء غير المشروع موجود منذ 20 سنة في لبنان، ولكن لا فائدة فيه لأنّ آلياته التنفيذية تعجيزية، والكل يعلم كيف يمكن قيام قانون عصري وحضاري». وتوجّهت الى النواب بالقول: «اذا كانت هناك ارادة ونوايا طيبة فلنبدأ بالعمل».

وأضافت: «تعلمون أنّ الثقة اليوم بالمجلس وبالطبقة السياسية مفقودة من قِبل الحراك»، لذلك تمنّت أن يكون ضمن اللجنة «المفكرة القانونية، نادي القضاة، نقابة المحامين، «بوجهها المشرق» الجديد واللافت، أنّ الرئيس الفرزلي وافق على كل المطالب التي طرحتها يعقوبيان في الجلسة، وأعطى مدة شهر لدرسها وللعمل الجدّي الذي يؤدي الى إقرار قانون الاثراء غير المشروع الذي يؤدي بدوره حتماً الى استعادة الاموال المنهوبة.

أما بالنسبة إلى قانون استقلالية القضاء وشفافيته، الذي ذهب الى لجنة الادارة والعدل، فقد اتُفق على تاريخ 3 كانون لدرسه. وكانت يعقوبيان قدّمت المشروع منذ أكثر من سنة، وكلما كانت تطالب بإدراجه في جدول الاعمال يأتيها الرفض دون أعذار.

وقالت يعقوبيان لـ«الجمهورية»، إنّها تفاجأت بقبول اقتراحاتها، وخاصة قانون استقلالية القضاء الذي قدّمته منذ اكثر من سنة، مطالبة بإدراجه في جدول الأعمال، لكن لم يصغِ اليها أحد، مؤكّدة أنّه بعد ادراج هذا القانون في جدول اعمال الهيئة العامة فإنّ الكل مجبرون على التصويت، لأنّهم يعلمون انّ العيون المراقبة شاخصة اليهم، من الداخل ومن الحراك، فاذا لم يقرّ النواب هذا القانون فإن وقع الثورة سيشد عليهم ...ويخنقهم.

المفاجأة كانت وصول الوزير جبران باسيل للمشاركة، مطالباً بمعرفة من صوّت معه على قانون رفع السرية المصرفية، الذي يرى البعض أنّه «غير صالح»، فيما لفت النائب الان عون الى أنّ يعقوبيان قدّمت قانوناً مماثلاً لكنه معدّل، ولم تنكر انّها اعتمدت قانون «الوزير باسيل»، موضحة أنّها أضافت اليه بعض التعديلات التي تجيز للمرء التمكّن من الوصول للواجهات المالية وليس للافراد فقط، فيما الواجهات المالية يمكن أن تكون شركات ومستشارين وأشخاصاً يدورون في فلك «الزعيم» وربما داخل «الحزب» او «التيار»...

وأضافت يعقوبيان: «أنّ البعض يفاخر بأنّه قدّم القوانين، ولكن العبرة في أن تُقرّ القوانين ولا أن تُقدّمها...».

وفي السياق حذّرت يعقوبيان من أنّ الحراك سيعاود تحرّكه اذا لمس اي تقاعس او تراجع بعد اليوم..

واللافت في جلسة اللجان مدى التجاوب الذي أظهره النواب، وبخاصة نواب كتلة «الوفاء للمقاومة» الذين وافقوا على قيام اللجنة، فيما طالب النائب علي فياض بعد انتهاء مناقشات اللجان بوجوب إقرار 9 قوانين لمكافحة الفساد، لافتاً الى حاجة اللبنانيين الى قضاء مستقل لتطبيقها، ومؤكّداً «أنّ تلك القوانين التي تخدم هدفاً واحداً هو مكافحة الفساد يجب اقرارها كرزمة واحدة»، كاشفاً عن اصرار الحزب على «فتح ورشة قانونية يومية بكل مواظبة وإصرار بهدف إنهاء الموضوع في اسرع وقت ممكن»، وانّ النواب ساروا بهذا التوجّه، وهي موافقة عليه بالاجماع.

فيما لفت فياض الى مشكلة لبنان في تطبيق القوانين وحاجته الى اداة كفيلة وموثوق فيها لتطبيقها وهي القضاء المستقل، مذكّراً بموقف الامين العام للحزب، الذي رفع الحصانة عن النواب والوزراء تلقائياً، لافتا الى انّ اعضاء الكتلة لا يتلطون خلف اي حصانة.

الّا انّ بعض النواب ارتأى أنّ البوصلة اليوم في بعبدا والانظار مصوبة هناك، «لأننا نريد حكومة لمعالجة الوضع الاقتصادي، فالهمّ اليوم ليس في البرلمان، خاصة بأنّ حكومة تصريف الاعمال لا تصلح لفك معضلة الأزمة».