لا حرب أهلية في لبنان ولا أحد من اللبنانيين يريد هذه الحرب وسنقف في وجه هذه الحرب ولن تستطيعوا إدخال لعبة الطوائف بين اللبنانيين مجددا ولن نرد على طريقتهم ولن نرد بالعنف ولن نرد إلا بالورود.
 


إثنان وأربعون يوما على انطلاق الإنتفاضة الشعبية في لبنان، الثورة اللبنانية الأولى في تاريخ لبنان التي تجاوزت بحراكها ومكوناتها ومطالبها كل الأديان والطوائف والمذاهب، كما تجاوزت كل الاصطفافات السياسية والحزبية التي طبعت على مدى عقود الحياة السياسية اللبنانية.
هذه الثورة كانت منذ البداية واضحة المعالم والأهداف وقدمت أروع الصور وأنقاها في التعبير عن الوحدة الوطنية ولعلها المرة الأولى في تاريخ لبنان أن تجتمع كل الساحات في كل بصوت واحد ولغة واحدة لغة وطنية جامعة بعيدا عن لغة الطائفية والمذهبية.

لعل هذا المشهد لم يكن الصورة التي يريدها السياسيون في لبنان ولم يتناسب مع مشاريعهم الطائفية والحزبية فكانت الثورة والثوار هدفهم منذ انطلاقتها واستخدمت بحقها أبشع الأساليب بداية بالتخوين ونظرية المؤامرة، وصولا الى استعراض القوة والاستفزاز انتهاءا بالبطش والإعتداءات المباشرة من مجموعة من الزعران والغوغائيين الذين راحوا يهتفون باسم الشيعة ضد المتظاهرين العزل في أبشع صورة شهدناها عن صور الإرهاب المنظم .

ما حصل خلال الأيام القليلة الماضية يكشف من جديد على أن المؤامرة الحقيقية هي ضد الثورة وضد هؤلاء الشباب المنتفضون على واقعهم المزري ولا هدف لديهم سوى الإصلاح واستعادة الحقوق، ولأنهم كذلك كانوا عرضة لشتى أنواع البطش والإعتداءات من صور الى بيروت إلى بعلبك، وكانت الذريعة باستغلال حادث السير الذي وقع على طريق الجية والذي أدى إلى سقوط شهيدين بالرغم من كل الأدلة التي تشير إلى أنه حادث سير ولا يتحمل مسؤوليته المتظاهرون في ذلك المكان كما ظهر في كل التسجيلات المصورة التي تلت الحادث علما أن هذا الطريق وكما كل الطرقات في لبنان يفتقر إلى الحد الادنى من إشارات السلامة العامة على الطرقات وهو أولا وأخيرا تقصير الدولة التي نتظاهر ضدها وشوارع لبنان مليئة بحواث السير حيث اعتدنا على هذا المشهد يوميا في شوارع لبنان وفي كل المناطق لا سيما في منطقة البقاع التي تشهد على عجز الدولة وتقصيرها.

اقرا ايضا : حزب الله وخياراته الضيقة


 
وقد اتخذ هذا الحادث من قبل ما يسمى بالثنائي الشيعي كـ "قميص عثمان" فبدأت الفتنة المتنقلة من مكان إلى آخر تحت هتافات باسم "الشيعة" تلك الطائفة التي خسرت عشرات الآلاف من شبابها في حروبهم العبثية خارج الحدود دون أي مراعاة لقيمة الدم والقتل، ويأتون اليوم لاستغلال الدم في وجه الثوار والمناضلين الشرفاء .
فخرجوا في بعلبك التي تبعد 300 كلم عن الجنوب لوقفة استنكار للحادث في أبشع صورة لاستغلال الدم والتجارة بفقر الناس ووجعهم وآهاتهم وأخرجوا بعد ذلك زعرانهم للإنقضاض على الثورة والمتظاهرين في ساحة خليل مطران في بعلبك.
بعلبك مدينة المقاومة والتي لم تشهد الإحتجاجات فيها على مدى اربعين يوما "ضربة كف" ولم يقم المتظاهرون فيها بقطع الطرقات كانت هذه المدينة هدفا لحقدهم الشرس وبلطجيتهم وإرهابهم .

بعد أكثر من أربعين يوما ما زالت الثورة تراكم إنجازاتها وفي المقابل لم يستطيعوا إنجاز أي شيء بعدما كسرت إرادة الثورة إرادتهم فقرروا الإنقضاض على الثورة بالفتنة الطائفية وأخرجوا زعرانهم وبلطجيتهم في عين الرمانة التي ردت اليوم بوقفة الأمهات التي ترفض الحرب وتصر على الوحدة الوطنية المشهد الذي يؤكد على الوعي الشعبي برفض الإحتكام الى لغة الحرب والتمسك بالعيش المشترك .

إن التهديد بالحرب الأهلية وسَوق الناس إلى خيارات من هذا النوع لن تؤدي إلى نتيجة ولم يحصدوا من ذلك سوى انكشافهم أمام الناس والرأي العام.
ونقولها اليوم بالفم الملآن لا حرب أهلية في لبنان ولا احد  من اللبنانيين يريد هذه الحرب وسنقف في وجه هذه الحرب ولن تستطيعوا إدخال لعبة الطوائف بين اللبنانيين مجددا ولن نرد على طريقتهم ولن نرد بالعنف ولن نرد إلا بالورود.

وفي الوقت الذي نؤكد فيه رفضنا لغة الحرب فإننا نؤكد أيضا على رفضا أي تدخل أجنبي وأي أجندة خارجية تفرض على لبنان سنرفضها وإن الشعب اللبناني أصبح واعيا بما يكفي للمحافظة على هذا الوطن .