لا بد أن نسأل أنفسنا عن سر هذا الحنق والكبت المخزون داخل جمهور الثنائي الشيعي، وسر هذا العداء المستفحل والكبير الذي يغلي في صدور هؤلاء، وعن السبب الذي يقف خلفه والذي لم نره عند بقية جماهير الأحزاب الأخرى المتورطة بالفساد أيضا.
 
تحت عنوان وقفة تضامنية مع ضحايا حادث السير المفجع الذي حصل على طريق الجنوب، والذي قضى جراؤه الشهيدان حسين شلهوب وسناء الجندي، على اثر اصطدام سيارتهما بعمود حديد وضعه الجيش اللبناني لتحويل السير الى طريق جانبي مما أدى الى اشتعال السيارة واستشهادهما،
دعى حزب الله وحركة أمل إلى هذا التجمع في منطقة الاشرفية، وفي مناطق أخرى إلا أن ما كان ملفتا ومحل استغراب هو حجم الغضب والغيظ والتشدد، الذي بدى واضحا جليا وسط هذي الجموع ! وصرخاتهم المعادية للثورة والثوار، هذا فضلا عما نشهده من اعتداءات يومية على اماكن الاعتصامات والتجمعات وما يجري من تخريب وهمجية وحرق وتكسير وبلطجة على اناس مسالمون كل همهم وجل مطلبهم هو وقف الفساد والفاسدين ! 
 
هنا لا بد أن  نسأل أنفسنا عن سر هذا الحنق والكبت المخزون داخل جمهور الثنائي الشيعي، وسر هذا العداء المستفحل والكبير الذي يغلي في صدور هؤلاء، وعن السبب الذي يقف خلفه والذي لم نره عند بقية جماهير الأحزاب الأخرى المتورطة بالفساد أيضا، بالخصوص إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن هؤلاء المساكين هم مثلنا تماما يعانون ما نعاني ويصيبهم ما يصيبنا! إذا ما هو هذا السر ؟ 
 
الاجابة على التساؤل لا يمكن تبسيطه فقط بالدفاع عن منظومة الفساد التي يستفيد منها الثنائي حركة أمل وحزب الله، الاول بانخراطه فيها والثاني برعايتها لأجندته الخاصة، وليس بسبب اقتناع الجمهور بعدم صوابية أهداف الثورة وأحقيتها ( وهذا ما يؤكدون عليه دائما )، ولا هو بسبب المقولة السمجة عن وجود مؤامرة تستهدف سلاح المقاومة !! اذا ما هو هذا السر ؟! 
 
اعتقد بأن السبب والدافع الذي يقف خلف هذا الغضب، هو هذا الاحساس المفاجئ بالضعف والهوان، والرعب من مشهدية تهافت بناء القوة والاستقواء الذي عمل هذا الثنائي ولسنوات عديدة على زرعه في ثقافة جمهوره!! "فالشيعة" بنظرهم هم من يقرر سياسة البلد،، "الشيعة" هم من يفرضون رئيس الجمهورية ،، "الشيعة" هم يقررون توزيع الوزارات ،، "الشيعة" هم من يعلنون الحرب او السلم ،، "الشيعة" هم من يصنفون الناس بين وطني أو عميل ،، "والشيعة" وحدهم هم من يقول من هو الفاسد ومن هو الشريف !! 
 
ما فعلته الثورة وما تفعله بعد 17 تشرين هو تأسيس لمرحلة جديدة فاجأت هذا الجمهور المنتفخ فراغا، فالمعادلة اليوم هي ان الشعب اللبناني هو من يقرر، وهو من يصنف، وهو من يحاسب وهو من يشير الى الفاسد، وهو من يُسقط حكومة ويفرض شروطه على كل هذه الطبقة السياسية ومنها الثنائي عن طبيعة الحكومة المنوي تشكيلها ! 
 
أعتقد بأن صراخ المعتدين على الخيم وعلى المعتصمين السلميين ( شيعة ،، شيعة ،، شيعة ) يهدف بالدرجة الاولى الى إشباع غريزة التفوق والقوة التي  يسشعر هذا الجمهور بانه يخسرها، والتهديد ب 7 ايار انما يصب أيضا بنفس الغاية، فاذا كان 7 ايار 2008 هي بسبب تهديد سلاح الاشارة للمقاومة، فكيف يُعقل التهديد ب 7ايار جديد بسبب المطالبة بمحاربة الفساد ! 
وبناءا على ما تقدم، يمكن القول أن مشكلة هذا الجمهور هو ليس مع الثورة وناسها الموجوعين، وانما هو مع مفهوم لبنان الجديد، لبنان بعد 17 تشرين حيث أن الشعب فيه هو مصدر السلطات وليس  أي شي آخر، فإلى أن يقتنع بأن مصلحته ومصلحة أولاده ومستقبلهم ومستقبل البلد هي بتكريس ودعم هذه المعادلة الجديدة وليس بإضعافها او محاربتها سوف نشهد المزيد من العنتريات الفظة والغليظة، ولكن هذا سيساهم اسرع في انفضاض الكثيرين من حول الثنائي واستغلاله القوة في تهديم الوطن وليس حمايته،  ويكرس أحقية مطالب الثورة اكثر عند من يعيش أوهام لا تغني ولا تسمن من جوع